البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيۡهِمُ ٱلرِّجۡزُ قَالُواْ يَٰمُوسَى ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَۖ لَئِن كَشَفۡتَ عَنَّا ٱلرِّجۡزَ لَنُؤۡمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرۡسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (134)

{ ولما وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل } الظاهر أنّ الرجز هنا هو ما كان أرسل عليهم من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فإن كان أريد الظاهر كان سؤالهم موسى بعد وقوع جميعها لا بعد وقوع نوع منها ويحتمل أن يكون المعنى { ولما وقع عليهم } نوع من { الرجز } فيكون سؤالهم قد تخلّل بين نوع ونوع ومعنى { وقع عليهم } نزل عليهم وثبت وقال قوم : { الرجز } الطاعون نزل بهم مات منهم في ليلة سبعون ألف قبطي وفي قولهم { ادع لنا ربك } وإضافة الرب إلى موسى عدم إقرار بأنه ربهم حيث لم يقولوا ادعُ لنا ربنا ومعنى { بما عهد عندك } بما اختصك به فنبأك أو بما وصّاك أن تدعو به ليجيبك كما أجابك في الآيات أو بما استودعك من العلم والظاهر تعلق { بما عاهد } بأدع لنا ربك ومتعلق الدعاء محذوف تقديره { ادع لنا ربك بما عهد عندك } في كشف هذا الرّجز { ولئن كشفت } جواب لقسم محذوف في موضع الحال من قالوا أي قالوا ذلك مقسمين { لئن كشفت } أو لقسم محذوف معطوف أي وأقسموا لئن كشفت وجوز الزمخشري وابن عطية وغيرهما أن تكون الباء في { بما عهد عندك } باء القسم أي قالوا { ادعُ لنا ربّك بما عهد عندك } في كشف الرجز مقسمين { بما عهد عندك لئن كشفت } أو وأقسموا { بما عهد عندك لئن كشفت } والمعنى { لئن كشفت } بدعائك وفي قولهم { لنؤمنن لك } دلالة على أنه طلب منهم الإيمان كما أنه طلب منهم إرسال بني إسرائيل وقدّموا الإيمان لأنه المقصود الأعظم الناشىء منه الطواعية وفي إسناد الكشف إلى موسى حيدة عن إسناده إلى الله تعالى لعدم إقرارهم بذلك .