اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيۡهِمُ ٱلرِّجۡزُ قَالُواْ يَٰمُوسَى ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَۖ لَئِن كَشَفۡتَ عَنَّا ٱلرِّجۡزَ لَنُؤۡمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرۡسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (134)

قوله : { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرجز } ، أي نزل بهم العذاب من الطُّوفَانِ ، وغيره .

وقال سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ : الطاعون .

وقيل : مات منهم سبعون ألفاً في يوم واحد . وتقدم الكلام على الرِّجْز في البقرة عند قوله : { فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السماء } [ البقرة : 59 ] .

قوله { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } . يجوزُ في هذه الباء وجهان :

أظهرهما : أن تتعلَّق ب " ادْعُ أي : ادْعُهُ بالدُّعاء الذي علَّمك أن تدعوه به .

والثاني : أنَّها باء القسم .

قال الزمخشريُّ : والباء إمَّا تتعلَّق ب " ادْع " على وجهين :

أحدهما : اسْعِفْنَا إلى ما نطلب إليك من الدُّعاء بحق ما عندك من عهد الله ، وكرامته إيَّاك بالنُّبُوَّةِ أو ادع اللَّه لنا مُتَوَسِّلاً إليه بعهده عندك ، وإمَّا أن يكون قَسَماً مُجَاباً ب " لنُؤمِنَنَّ " أي : " أقْسَمْنَا بِعَهْدِ اللَّهِ عندك " .

فصل

اعلمْ أنَّهُ تعالى بيَّن ما كانُوا عليه من المُناقضة القبيحة ، لأنَّهم تارة يكذبون موسى عليه الصَّلاة والسَّلام ، وأخرى عند الشَّدائد يفزعون إليه فزع الأمة إلى نبيّها ويسألونه أن يسأل رَبَّه رفع العذاب عنهم ، وذلك يقتضي أنهم سَلَّمُوا كونه نبيّاً مجاب الدَّعْوَة ، ثُمَّ بعد زوال تلك الشَّدائد يعودون إلى تكذيبه .