البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجۡعِهِۦ لَقَادِرٞ} (8)

{ إنه } : الضمير يعود على الخالق الدال عليه خلق .

{ على رجعه } ، قال ابن عباس وقتادة : الضمير في رجعه عائد على الإنسان ، أي على رده حياً بعد موته ، أي من أنشأه أولاً قادر على بعثه يوم القيامة لا يعجزه شيء .

وقال الضحاك : على رده من الكبر إلى الشباب .

وقال عكرمة ومجاهد : الضمير عائد على الماء ، أي على رد الماء في الإحليل أو في الصلب .

وعلى هذا القول وقول الضحاك يكون العامل في { يوم تبلى } مضمر تقديره اذكر .

وعلى قول ابن عباس ، وهو الأظهر ، فقال بعض النحاة : العامل ناصر من قوله : { ولا ناصر } ، وهذا فاسد لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها ، وكذلك ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها على المشهور المنصور .

وقال آخرون ، ومنهم الزمخشري : العامل رجعه ورد بأن فيه فصلاً بين الموصول ومتعلقه ، وهو من تمام الصلة ، ولا يجوز .

وقال الحذاق من النحاة : العامل فيه مضمر يدل عليه المصدر تقديره : يرجعه يوم تبلى السرائر .

قال ابن عطية : وكل هذه الفرق فرت من أن يكون العامل لقادر ، لأنه يظهر من ذلك تخصيص القدرة في ذلك اليوم وحده .

وإذا تؤمل المعنى وما يقتضيه فصيح كلام العرب جاز أن يكون المعنى لقادر ، وذلك أنه قال : { إنه على رجعه لقادر } على الإطلاق أولاً وآخراً وفي كل وقت .

ثم ذكر تعالى وخصص من الأوقات الوقت الأهم على الكفار ، لأنه وقت الجزاء والوصول إلى العذاب ليجتمع الناس إلى حذره والخوف منه ، انتهى .