البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَوَالِدٖ وَمَا وَلَدَ} (3)

والظاهر أن قوله : { ووالد وما ولد } ، لا يراد به معين ، بل ينطلق على كل والد .

وقال ابن عباس ذلك ، قال : هو على العموم يدخل فيه جميع الحيوان .

وقال مجاهد : آدم وجميع ولده .

وقيل : والصالحين من ذريته .

وقيل : نوح وذريته .

وقال أبو عمران الحوفي : إبراهيم عليه السلام وجميع ولده .

وقيل : ووالد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ولد إبراهيم عليه السلام .

وقال الطبري والماوردي : يحتمل أن يكون الوالد النبي صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره ، وما ولد أمته ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « إنما أنا لكم بمنزلة الوالد » ولقراءة عبد الله : { وأزواجه أمهاتهم } وهو أب لهم ، فأقسم تعالى به وبأمته بعد أن أقسم ببلده ، مبالغة في شرفه عليه الصلاة والسلام .

وقال الزمخشري : فإن قلت : ما المراد بوالد وما ولد ؟ قلت : رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ولده .

أقسم ببلده الذي هو مسقط رأسه ، وحرم أبيه إبراهيم ، ومنشأ أبيه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام ، وبمن ولده وبه .

فإن قلت : لم نكر ؟ قلت : للإبهام المستقل بالمدح والتعجب .

فإن قلت : هلا قيل : ومن ولد ؟ قلت : فيه ما في قوله : { والله أعلم بما وضعت } أي بأي شيء وضعت ، يعني موضوعاً عجيب الشأن . انتهى .

وقال الفراء : وصلح ما للناس ، كقوله : { ما طاب لكم } { وما خلق الذكر والأنثى } وهو الخالق للذكر والأنثى . انتهى .

وقال ابن عباس وعكرمة وابن جبير : المراد بالوالد الذي يولد له ، وبما ولد العاقر الذي لا يولد له .

جعلوا ما نافية ، فتحتاج إلى تقدير موصول يصح به هذا المعنى ، كأنه قال : ووالد والذي ما ولد ، وإضمار الموصول لا يجوز عند البصريين .