قوله : { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } .
قيل «ما » بمعنى : «من » ، أو بمعنى : «الذي » .
وقيل : مصدرية أقسم بالشخص وفعله .
وقال الزمخشريُّ{[60204]} : فإن قلت : هلا قيل : ومَنْ ولد ؟
قلت : فيه ما في قوله : { والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ } [ آل عمران : 36 ] ، أي : بأي شيء وضعت ، يعني : موضوعاً عجيب الشأن .
وقيل : «ما » : فيحتاج إلى إضمار موصول به يصح الكلام ، تقديره : والذي ما ولد ، إذ المراد بالوالد ، الذي يولد له ، «ومَا وَلَد » يعني : العَاقِر الذي لا يُولدُ له ، قال معناه ابنُ عبَّاسٍ ، وتلميذه ابنُ جبيرٍ وعكرمةُ{[60205]} .
هذا معطوف على قوله : { لاَ أُقْسِمُ بهذا البلد } ، وقوله تعالى : { وَأَنتَ حِلٌّ بهذا البلد } معترض بين المعطوف والمعطوف عليه .
قال ابنُ عباسٍ ومجاهد وقتادةُ والضحاكُ والحسنُ وأبو صالحٍ والطبريُّ : المراد بالوالد : آدم عليه الصلاة والسلام ، «ومَا وَلَد » أي : وما نسل من ولده ، أقسم بهم ؛ لأنهم أعجب ما خلق تعالى على وجه الأرض ، لما فيهم من البنيان ، والنُّطق ، والتدبير ، وإخراج العلوم ، وفيهم الأنبياء ، والدُّعاة إلى الله تعالى ، والأنصار لدينه ، وأمر الملائكة بالسُّجود لآدم - عليه السلام - وعلمه الأسماء كلَّها ، وقد قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ }{[60206]} [ الإسراء : 70 ] .
وقيل : هو إقسام بآدم ، والصالحين من ذريته ، وأما الطالحون ، فكأنهم بهائم ، كما قال تعالى : { إِنْ هُمْ إِلاَّ كالأنعام } [ الفرقان : 44 ] ، وقوله : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [ البقرة : 18 ] .
وقيل : الوالد : إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - { وَمَا وَلَدَ } [ ذريته .
وقيل : الوالد إبراهيم وإسماعيل ، وما ولد محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أقسم بمكة وإبراهيم ]{[60207]} .
قال الفراء : وصلح «ما » للناس ، كقوله : { مَا طَابَ لَكُمْ } [ النساء : 3 ] ، وقوله تعالى : { وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى } [ الليل : 3 ] ، وهو خالق الذكر والأنثى .
قال الماورديُّ : ويحتمل أن الوالد : النبي صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره ، «ومَا وَلَد » : أمته : لقوله عليه الصلاة والسلام ، «إنَّما أنَا بِمنزْلَةِ الوَالِدِ أعَلِّمكُمْ »{[60208]} ، فأقسم به وبأمته ، بعد أن أقسم ببلده ، مبالغة في تشريفه عليه الصلاة والسلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.