{ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ } واعترض بينهما بهذه الجملة . والمعنى : ومن المكابد أن مثلك عليّ عظيم حرمته يستحل بهذا البلد كما يستحلّ الصيد في غير الحرم . وقال الواحدي : الحلّ والحلال والمحل واحد ، وهو ضدّ المحرّم ، أحلّ الله لنبيه صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح حتى قاتل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «لم تحلّ لأحد قبلي ، ولا تحلّ لأحد بعدي ، ولم تحلّ لي إلاّ ساعة من نهار » قال : والمعنى أن الله لما ذكر القسم بمكة دلّ ذلك على عظم قدرها مع كونها حراماً ، فوعد نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحلها له حتى يقاتل فيها ويفتحها على يده ، فهذا وعد من الله تعالى بأن يحلها له حتى يكون بها حلاً انتهى . فالمعنى : وأنت حلّ بهذا البلد في المستقبل ، كما في قوله : { إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ } [ الزمر : 30 ] قال مجاهد : المعنى ما صنعت فيه من شيء فأنت حلّ . قال قتادة أنت حلّ به لست بآثم ، يعني : أنك غير مرتكب في هذا البلد ما يحرم عليك ارتكابه ، لا كالمشركين الذين يرتكبون فيه الكفر والمعاصي . وقيل المعنى : لا أقسم بهذا البلد وأنت حالّ به ومقيم فيه وهو محلك ، فعلى القول بأن لا نافية غير زائدة يكون المعنى : لا أقسم به وأنت حالّ به ، فأنت أحقّ بالإقسام بك ، وعلى القول بأنها زائدة يكون المعنى : أقسم بهذا البلد الذي أنت مقيم به تشريفاً لك وتعظيماً لقدرك لأنه قد صار بإقامتك فيه عظيماً شريفاً ، وزاد على ما كان عليه من الشرف والعظم ، ولكن هذا إذا تقرّر في لغة العرب أن لفظ «حلّ » يجيء بمعنى حالّ ، وكما يجوز أن تكون الجملة معترضة يجوز أن تكون في محل نصب على الحال . { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } عطف على البلد . قال قتادة ومجاهد والضحاك والحسن وأبو صالح { وَوَالِدٍ } أي آدم { وَمَا وَلَدَ } أي وما تناسل من ولده أقسم بهم ، لأنهم أعجب ما خلق الله على وجه الأرض لما فيهم من البيان والعقل والتدبير ، وفيهم الأنبياء والعلماء والصالحون . وقال أبو عمران الجوني : الوالد إبراهيم ، وما ولد : ذريته . قال الفرّاء : إن : «ما » عبارة عن الناس كقوله : { مَا طَابَ لَكُمْ } [ النساء : 3 ] . وقيل : الوالد إبراهيم ، والولد إسماعيل ومحمد صلى الله عليه وسلم . وقال عكرمة وسعيد بن جبير : { وَوَالِدٍ } يعني : الذي يولد له { وَمَا وَلَدَ } يعني العاقر الذي لا يولد له ، وكأنهما جعلا «ما » نافية ، وهو بعيد ، ولا يصح ذلك إلاّ بإضمار الموصول : أي ووالد والذي ما ولد ، ولا يجوز إضمار الموصول عند البصريين ، وقال عطية العوفي : هو عام في كل والد ومولود من جميع الحيوانات ، واختار هذا ابن جرير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.