{ سبح لله ما في السموات وما في الأرض } : أي ينزه الله تعالى عما لا يليق به ما في السموات وما في الأرض من سائر الكائنات بلسان القال والحال ، ولم يقل ( من ) بدل ( ما ) تغليباً لغير العاقل لكثرته على العاقل .
قوله تعالى : { يسبح لله ما في السموات وما في الأرض } يخبر تعالى عن نفسه أنه يسبحه بمعنى ينزهه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله من سائر مظاهر العجز والنقص ويقدسه كذلك وذلك بلسان الحال والقال وهذا كقوله من سورة الإِسراء وان من شيء إلا يسبح بحمده ، ولكن لا تفقهون تسبيحهم . ومع هذا شرع لنا ذكره وتسبيحه وتعبدنا به ، وجعله عونا لنا على تحمل المشاق واجتياز الصعاب فكم أرشد رسوله له في مثل قوله : سبح اسم ربك ، وسبحه بكرة وأصيلا ، وسبح بحمد ربك قبل طولع الشمس وقبل الغروب ، ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً . وواعد على لسانه رسوله بالجزاء العظيمن على التسبيح في مثل قوله صلى الله عليه وسلم " من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر " ورغب فيه في مثل قوله : " كلمتان ثقيلتان في الميزان خفيفتان على اللسان حبيبتان على الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم " .
وقوله { الملك القدوس } أي المالك الحاكم المتصرف في سائر خلقه لا حكم إلا له . ومرد الأمور كلها إليه المنزه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله من سائر النقائص والحوادث .
وقوله تعالى { وهو العزيز الحكيم } أي كل خلقه ينزهه ويقدسه وهو العزيز الغالب على أمره الذي لا يُحال بينه وبين مراده الحكيم في صنعه وتدبيره لأوليائه وفي ملكه وملكوته .
هذه السورة مدنية وآياتها إحدى عشرة آية . وهي مبدوءة بالإخبار عن تسبيح الكون وما فيه لله . فكل شيء في السماوات أو الأرض يسبح بحمد الله الخالق الغالب الحكيم .
وفي السورة تنديد شديد ونكير بالغ على الذين أعطوا التوراة ليلتزموا أحكامها ويعلموا بما فيها من الأوامر والنواهي والمواعظ والعبر لكنهم اثّاقلوا إلى الشهوات والضلالات وأهواء النفس فآثروا الحياة الدنيا على الآخرة وجنحوا للباطل والهوى ، تاركين وراء ظهورهم كتاب ربهم فضلوا بذلك ضلالا بعيدا . وكان مثلهم في ذلك مثل الحمير العجماوات تحمل على ظهورها كتب العلم وهي لا تدري عن مضمونها شيئا .
وفي السورة إيجاب للجماعة إذا تودي للصلاة من يوم الجمعة . وهذه فريضة عينية منوطة بكل مسلم بشروطه من البلوغ والعقل والذكورة وعدم الأعذار .
{ يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم 1 هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين 2 وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم 3 ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } .
ذلك إخبار من الله عن تسبيح الكون وما فيه لجلاله وعظيم سلطانه . فما من شيء في السماوات أو في الأرض إلا يسبح الله فينزهه عن النقائص { الملك القدوس العزيز الحكيم } هذه الأسماء منصوبة على النعت لله . وقيل على البدل {[4532]} والملك ، المالك لكل شيء في السماوات والأرض . والقدوس ، يعني المنزه عن النقائص والعيوب ، الموصوف بصفات الكمال . والعزيز : القوي الغالب الذي لا يغلبه غالب . والحكيم : أي في قوله وفعله وتدبيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.