أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

شرح الكلمات :

{ توبة نصوحا } : أي توبة صادقة بأن لا يعاد إلى الذنب ولا يراد العود إليه .

{ يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا } : أي بإدخالهم النار .

{ يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم } : أي أمامهم ومن كل جهاتهم على قدر أعمالهم .

{ ربنا أتمم لنا نورنا } : أي إلى الجنة ، لأن المنافقين ينطفئ نورهم .

المعنى :

وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً } هذا هو النداء الثاني الذي ينادي فيه الله تعالى عباده المؤمنين يأمرهم فيه بالتوبة العاجلة النصوح التي لا يعود صاحبها إلى الذنب كما لا يعود اللبن إلى الضرع ، ويعدهم ويبشرهم يعدهم بتكفير سيئاتهم ، يبشرهم بالجنة دار النعيم المقيم فيقول { عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم } أي بعد ذلك { جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه } أي بإدخالهم الجنة . وقوله تعالى { نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم } أي وهم مجتازون الصراط يسألون ربهم أن يبقي لهم نورهم لا يقطعه عنهم حتى يجتازوا الصراط وينجوا من السقوط في جهنم كما يسألونه أن يغفر لهم ذنوبهم التي قد يردون بها إلى النار بعد اجتياز الصراط .

وقولهم : إنك على كل شيء قدير هذا توسل منهم لقبول دعائهم حيث توسلوا بصفة القوة والقدرة لله تعالى فقالوا إنك على كل شيء قدير فأتمم لنا نورنا واغفر لنا .

الهداية

من الهداية :

- وجوب التوبة الفورية على كل من أذنب من المؤمنين والمؤمنات وهى الإقلاع من الذنب فوراً أي تركه والتخلي عنه ، ثم العزم على أن لا يعود إليه في صدق ، ثم ملازمة الندم والاستغفار كلما ذكر ذنبه استغفر ربه وندم على فعله وإن كان الذنب متعلقاً بحق آدمي كأخذ ماله أو ضرب جسمه أو انتهاك عرضه وجب التحلل منه حتى يعفو ويسامح .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

قوله : { ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا } يأمر الله عباده المؤمنين بالتوبة إليه في كل الأحيان لينيبوا إليه طائعين مخبتين وأن يرجعوا عن ذنوبهم جازمين عازمين على أن لا يعودوا إليها عقب توبتهم وندمهم واستغفارهم . وهو قوله : { توبة نصوحا } واختلفوا في تأويل التوبة النصوح على عدة أقوال . منها : أنها الصادقة الناصحة . ومنها أنها : الندم بالقلب والاستغفار باللسان والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة . وقيل : هي التي لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها .

قوله : { عسى ربكم أن يكفّر عنكم سيئاتكم } عسى من الله واجبة ، يعني توبوا إلى الله يوجب لكم تكفير سيئاتكم وإدخالكم جنات شاسعة عظام بظلها الوارف الظليل ، وأنهارها الجارية السائحة ونعيمها الدائم المقيم . وهو قوله : { ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار } .

قوله : { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } يوم ، منصوب على أنه ظرف متعلق بقوله : { ويدخلكم } أي ويدخلكم { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } فالله ينجي رسوله والمؤمنين من العذاب والخزي فلا يخزيهم كما خزى المجرمين فحل بهم العذاب والخزي والافتضاح .

قوله : { نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا } يسأل المؤمنون ربهم يوم القيامة أن يبقى لهم نورهم فلا ينطفئ كما انطفأ نور المنافقين عند تجاوز الصراط . وقيل : ليس من أحد إلا يعطى نورا يوم القيامة فيطفأ نور المنافق فيمشي تائها هائما على وجهه يتخبط وحينئذ يخشى المؤمن أن ينطفئ نوره كما انطفأ نور المنافق فيسأل الله أن يتمم له نوره فلا يطفئه .

وكذلك يسأل المؤمنون ربهم يوم القيامة أن يعفو عنهم ويتجاوز عن سيئاتهم وهو قوله : { واغفر لنا إنك على كل شيء قدير } أي استر علينا ذنوبنا ولا تفضحنا بها فإنك يا ربنا مقتدر على فعل ما تشاء من غفران الذنوب والستر على العيوب والتنجية من البلايا والكروب{[4577]} .


[4577]:تفسير الطبري ص 107، 108 والكشاف جـ 4 ص 130 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 392.