جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

{ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا } وصفت التوبة بالنصح بالمجاز وهو في الحقيقة صفة التائب ، فإنه ينصح نفسه بالتوبة ، أو معناه خالصة ، يقال : ناصح ، أي خالص من الشمع ، أو توبة تنصح ، وتخيط ما خرق الذنب ، وهي ترك الذنب ، والعزم على عدم العود والندم ، ثم إن كان الحق لآدمي رده . وعن الحسن هو أن تبغض الذنب كما أحببته ، وتستغفر منه إذا ذكرته ، وعن بعض المحققين أن عدم المؤاخذة بالذنب الذي تاب منه إذا لم يعد إليه فإذا عاد إليه فقد يؤاخذ به وفي الحديث الصحيح : " من أحسن في الإسلام{[5057]} ، لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء فيه أخذ بالأول والآخر{[5058]} " { عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات نجري من تحتها الأنهار } فيه إشعار بأن العبد ينبغي أن يكون بين الخوف والرجاء ، وأنه تفضل لا يجب عليه شيء { يوم لا يخزي الله النبي } ظرف ليدخلكم { والذين {[5059]} آمنوا معه } عطف على النبي ، أو مبتدأ خبره قوله :{ نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم } على الصراط ، يقولون حين يرون أن نور المنافقين قد طفئ { يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير }


[5057]:التأويل بأن المراد بالإساءة النفاق بعيد جدا/12 وجيز.
[5058]:أخرجاه في الصحيحين.
[5059]:والذين آمنوا بالموافقة، في الحديث إنه- صلى الله عليه وسلم الله- تضرع في أمر أمته فأوحى الله إليه إن شئت جعلت حسابهم إليك فقال: يا رب أنت أرحم بهم فقال الله: إذن لا أخزيك فيهم وأما قوله:{ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته} [آل عمران:192] فالمراد دخول الخلود لا دخول التطهير /12 وجيز.