مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (8)

{ يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحاً } صادقة عن الأخفش رحمه الله . وقيل : خالصة . يقال : عسل ناصح إذا خلص من الشمع . وقيل : نصوحاً من نصاحة الثوب أي توبة ترفو خروقك في دينك وترم خللك ، ويجوز أن يراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها ، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها ، وبضم النون : حماد ويحيى وهو مصدر أي ذات نصوح أو تنصح نصوحاً وجاء مرفوعاً «إن التوبة النصوح أن يتوب ثم لا يعود إلى الذنب إلى أن يعود اللبن في الضرع » وعن حذيفة : بحسب الرجل من الشر أن يتوب عن الذنب ثم يعود فيه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي الاستغفار باللسان والندم بالجنان والإقلاع بالإركان .

{ عسى رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سيئاتكم } هذا على ما جرت به عادة الملوك من الإجابة ب «عسى » و«لعل » ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت { وَيُدْخِلْكُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار } ونصب { يَوْمَ } ب { يدخلكم } { لاَ يُخْزِى الله النبى والذين ءَامَنُواْ مَعَهُ } فيه تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر { نُورُهُم } مبتدأ { يسعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبأيمانهم } في موضع الخبر { يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } يقولون ذلك إذا انطفأ نور المنافقين { واغفر لَنَا إِنَّكَ على كُلّ شَىْء قَدِيرٌ