أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

شرح الكلمات :

{ ومن آياته } : أي حججه وبراهينه الدالة على قدرته على البعث والجزاء .

{ واختلاف ألسنتكم } : أي لغاتكم من عربية وعجمية والعجمية بينها اختلاف كثير .

{ وألوانكم } : أي من ابيض وأصفر وأحمر وأسود والكل أبناء رجل واحد وامرأة واحدة .

{ للعالمين } : أي للعقلاء على قراءة للعالمين بفتح اللام ، ولأولي العلم على قراءة كسر اللام .

المعنى :

ما زال السياق في تقرير عقيدة التوحيد والبعث والجزاء بذكر الأدلة والبراهين العقلية فقوله تعالى : { ومن آياته } أي حججه الدالة على قدرته على البعث والجزاء وعلى وجوب توحيده { خلق السموات والأرض } فَخلْقُ بمعنى إِيجاد السموات والأرض وما فيهما وما بينهما من أكبر الأدلة وأقواها على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته وكلها موجبة لتوحيده ومثبتة لقدرته على البعث والجزاء ، مقررة له ، وقوله : { واختلاف ألسنتكم } أي لغاتكم من عربية وعجمية ولهجاتكم بحيث لكل ناطق لهجة تخصه يتميز بها إذا سمع صوته عرف بها من بين بلايين البشر . { وألوانكم } واختلاف ألوانكم أيها البشر من أبيض إلى أسود ومن أحمر إلى أصفر مع اختلاف الملامح والسمات بحيث لا يوجد اثنان من ملايين البشر لا يختلف بعضهما عن بعض حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر إن في هذا وذاك { لآيات للعالمين } أي لحججا ظاهرة وبراهين قاطعة بعضها للعالمين وذلك البياض والسواد وبعضها للعلماء كاختلاف اللهجات وملامح الوجوه والسمات المميزة الدقيقة والكل أدلة على قدرة الله وعلمه ووجوب عبادته وتوحيده في ذلك مع تقري عقيدة البعث والجزاء .

الهداية :

من الهداية :

- بيان مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته ورحمته الموجبة لعبادته وحجه وترك عبادة من سواه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

ولما ذكر سبحانه الذكر والأنثى ، المخلوقين من الأرض ، وكانت السماء كالذكر للأرض التي{[52861]} خلق منها الإنسان ، وكان خلقهما مع كونهما مخلوقين من غير شيء أعجب من خلقه فهو أدل على القدرة ، وكان خلق الأرض التي هي كالأنثى متقدماً على عكس ما كان في الإنسان{[52862]} ، أتبعه ذكرهما بادئاً بما هو كالذكر فقال مشيراً - بعد ما ذكر من آيات الأنفس - إلى آيات الآفاق : { ومن آياته } أي الدالة على ذلك ، ولما كان {[52863]}من العجب{[52864]} إيجاد الخافقين من العدم إيجاداً مستمراً{[52865]} على حالة واحدة ، عبر بالمصدر فقال : { خلق السماوات } على علوها وإحكامها { والأرض } على اتساعها وإتقانها .

ولما كان من الناس من ينسب الخلق إلى الطبيعة ، قال تعالى ذاكراً من صفات الأنفس ما يبطل تأثير الآفاق بأنفسها من غير خلقه وتقديره ، وتكوينه وتدبيره : { واختلاف ألسنتكم } أي لغاتكم ونغماتكم وهيئاتها ، فلا تكاد تسمع منطقين متفقين في همس ولا جهارة ، و{[52866]}لا حدة{[52867]} ولا رخاوة ، ولا لكنة ولا فصاحة ، ولا إسهاب ولا {[52868]}وجازة ، وغير{[52869]} ذلك من صفات النطق وأحواله ، ونعوته وأشكاله ، وأنتم من نفس واحدة ، فلو كان الحكم للطبيعة لم يختلف لأنه {[52870]}لا اختيار{[52871]} لها مع أن نسبة الكل إليها واحدة .

ولما كان لون السماء واحداً ، وألوان الأراضي يمكن حصرها ، قال : { وألوانكم } أي اختلافاً{[52872]} مع تفاوته وتقاربه لا ضبط له مع وحدة النسبة ، ولولا هذا الاختلاف ما وقع التعارف ، ولضاعت المصالح ، وفاتت المنافع ، وطوي سبحانه ذكر الصور لاختلاف صور النجوم باختلاف أشكالها ، والأراضي بمقادير الجبال والروابي وأحوالها ، فلو كان الاختلاف لأجل الطبيعة فإما أن يكون بالنظر إلى السماء أو إلى الأرض ، فإن كان للسماء فلونها واحد ، وإن كان للأرض فلون{[52873]} أهل كل قطر{[52874]} غير مناسب للون أرضهم . وأما الألسنة فأمرها أظهر .

ولما كان هذا مع كونه في غاية الوضوح لا يختص بجنس من الخلق دون غيره قال : { إن في ذلك } أي الأمر العظيم العالي الرتبة في بيانه وظهور برهانه { لآيات } أي دلالات عدة واضحة{[52875]} جداً على وحدانيته تعالى وفعله بالاختيار وبطلان ما يقوله أصحاب الطبائع من تلك الاحتمالات التي هي مع خفائها واهية ، ومع بعدها مضمحلة متلاشية { للعالمين* } كلهم لا يختص به صنف منهم دون آخر من جن ولا إنس ولا غيرهم ، وفي رواية حفص عن عاصم{[52876]} بكسر اللام حث للمخاطبين على النظر ليكونوا من أهل العلم ، وفي قراءة الباقين بالفتح إيماء إلى أن ذلك من الوضوح بحيث لو نطق الجماد لأخبر بمعرفته ، ففيه إشارة إلى أنهم عدم ، فلا تبكيت أوجع{[52877]} منه .


[52861]:من ظ ومد، وفي الأصل: الذي.
[52862]:زيد من ظ ومد.
[52863]:في ظ ومد: المعجب.
[52864]:في ظ ومد: المعجب.
[52865]:في مد: استمر.
[52866]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[52867]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[52868]:من ظ ومد، وفي الأصل: وجاورة وكان ـ كذا.
[52869]:من ظ ومد، وفي الأصل: وجاورة وكان ـ كذا.
[52870]:في ظ ومد: الاختيار.
[52871]:في ظ ومد: الاختيار.
[52872]:من ظ ومد، وفي الأصل: اختلاف.
[52873]:في ظ: فألوان.
[52874]:من ظ ومد، وفي الأصل: نظر.
[52875]:في ظ: واضحات.
[52876]:راجع نثر المرجان 5/286.
[52877]:من ظ ومد، وفي الأصل: أوقع.