أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

شرح الكلمات :

{ قل لأزواجك } : أي اللائي هن تحته يومئذ وهن تسع طلبن منه التوسعة في النفقة عليهن ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوسع به عليهن .

{ فتعالين } : أي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يومئذ قد اعتزلهن شهرا .

{ أمتعكن } : أي متعة الطلاق المشروعة على قدر حال المطلق سعة وضيقاً .

{ أسرحكن سراحاً جميلا } : أي أطلقكن طلاقاً من غير إضرار بكن .

المعنى :

شاء الله تعالى أن يجتمع نساء الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأين نساء الأنصار والمهاجرين قد وُسّع عليهن في النفقة لوجود يسر وسعة رزق بين أهل المدينة ، أن يطالبن بالتوسعة في النفقة عليهن أسوة بغيرهن وكن يومئذ تسعا وهن عائشة بنت ابي بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأم سلمة بنت أبي أميّة ، وزينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية ، وصفيّة بنت حيي بن أخطب النضريّة فأبلغت عائشة ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأثر لذلك ، لعدم القدرة على ما طُلب منه وقعد في مشربة له واعتزلهن شهراً كاملا حتى أنزل الله تعالى آية التخيير وهي هذه { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردنّ الحياة الدنيا وزينتها } من لذيذ الطعام والشراب وجميل الثياب وحلي الزينة ووافر ذلك كله فتعالين إلى مقام الرسول الرفيع { أمتعكن } المتعة المشروعة في الطلاق { وأسرحكن } أي أُطلقكن { سراحاً جميلا } أي لا إضرار معه .

من الهداية :

* مشروعية تخيير الزوجات فإِن اخترن الطلاق تَطَلّقن وإن لم يخترنه فلا يقع الطلاق .

* كمال أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حيث اخترن الله ورسوله والدار الآخرة عن الدنيا وزينتها .

* مشروعية المتعة بعد الطلاق وهي أن تعطى المرأة شيئا من المال بحسب غنى المطلّق وفقره لقوله تعالى { على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

ولما تقرر بهذه الوقائع - التي نصر{[55444]} فيها سبحانه وحده بأسباب باطنه سببها ، وأمور خفية رتبها ، تعجز عنها الجيوش المتخيرة المستكثرة ، والملوك المتجبرة{[55445]} المستكبرة - ما قدم من أنه كافي من توكل عليه ، وأقبل بكليته إليه ، وختم بصفة القدرة العامة الدائمة ، تحرر{[55446]} أنه قادر على كل ما يريده ، وأنه لو شاء أجرى مع وليه كنوز الأرض ، وأنه لا يجوز لأحد أن يراعي غيره ولا أن{[55447]} يرمق بوجه ما سواه ، وعلم أن من أقبل إلى هذا الدين فإنما نفع نفسه والفضل لصاحب الدين عليه ، ومن أعرض عنه{[55448]} فإنما وبال إعراضه على نفسه ، ولا ضرر على الدين بإعراض هذا المعرض ، كما أنه لا نفع له{[55449]} بإقبال ذلك{[55450]} المقبل ، وكان قد قضى سبحانه أن من انقطع إليه حماه من الدنيا إكراماً له ورفعاً لمنزلته عن خسيسها إلى نفيس ما عنده ، لأن كل أمرها إلى {[55451]}زوال وتلاش{[55452]} واضمحلال ، ولا يعلق{[55453]} همته بذلك إلا قاصر ضال ، فأخذ سبحانه يأمر أحب الخلق إليه ، وأعزهم منزلة لديه ، المعلوم امتثاله للأمر بالتوكل والإعراض عن كل ما سواه سبحانه{[55454]} وأنه لا يختار من الدنيا غير الكفاف ، والقناعة والعفاف ، بتخيير ألصق{[55455]} الناس به تأديباً لكافة الناس ، فقال على طريق الاستنتاج مما تقدم : { يا أيها النبي } ذاكراً صفة رفعته واتصاله به سبحانه والإعلام بأسرار القلوب ، وخفايا الغيوب ، المقتضية لأن يفرغ فكره لما يتلقاه من المعارف ، ولا يعاق{[55456]} عن شيء من ذلك بشيء من أذى : { قل لأزواجك } أي نسائك : { إن كنتن } أي كوناً راسخاً { تردن } أي اختياراً عليّ { الحياة } ووصفها بما يزهد فيها ذوي الهمم ويذكر من له عقل بالآخرة فقال : { الدنيا } أي ما{[55457]} فيها من السعة والرفاهية{[55458]} والنعمة { وزينتها } أي المنافية لما أمرني به{[55459]} ربي {[55460]}من الإعراض{[55461]} عنه واحتقاره من أمرها لأنها أبغض{[55462]} خلقه إليه ، لأنها قاطعة عنه { فتعالين } أصله أن الآمر يكون أعلى من المأمور ، فيدعوه أن يرفع نفسه إليه ثم كثر حتى صار معناه : أقبل ، وهو هنا كناية عن الإخبار والإراداة بعلاقة أن المخبر يدنو إلى من يخبره { أمتعكن } أي بما أحسن به{[55463]} إليكن { وأسرحكن } أي من حبالة عصمتي { سراحاً جميلاً * } أي ليس فيه مضارة ، ولا نوع حقد ولا مقاهرة


[55444]:من م ومد، وفي الأصل وظ: بصر.
[55445]:زيدت الواو في الأصل، ولم تكن في ظ وم ومد فحذفناها.
[55446]:زيد في ظ: على.
[55447]:زيد من ظ وم ومد.
[55448]:زيد من ظ وم ومد.
[55449]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا.
[55450]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هذا.
[55451]:من م ومد، وفي الأصل وظ: تلاش وزوال.
[55452]:من م ومد، وفي الأصل وظ: تلاش وزوال.
[55453]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا تعاق.
[55454]:زيد من ظ وم ومد.
[55455]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الضيق.
[55456]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: لا يعاف.
[55457]:سقط من ظ.
[55458]:في م ومد: الرفاهة.
[55459]:زيد من ظ وم ومد.
[55460]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بالإعراض.
[55461]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بالإعراض.
[55462]:من م ومد، وفي الأصل وظ: انقض.
[55463]:زيد من ظ وم ومد.