{ يا أيها النبي قُل لأزواجك إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا } أي السَّعةَ والتَّنعمَ فيها { وَزِينَتَهَا } وزخارفَها { فَتَعَالَيْنَ } أي أقبلنَ بإرادتِكن واختيارِكن لإحدى الخصلتينِ كما يُقال : أقبل يُخاصمني وذهبَ يُكلِّمني وقامَ يُهددني { أُمَتّعْكُنَّ } بالجزمِ جواباً للأمرِ وكذا { وَأُسَرّحْكُنَّ } أي أعطيكنَّ المتعةَ وأطلقنَّ { سَرَاحاً جَمِيلاً } طلاقاً من غيرِ ضرارٍ . وقرئ بالرَّفعِ على الاستئنافِ . رُوي أنهنَّ سألنَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ثيابَ الزِّينةِ وزيادةَ النَّفقةِ فنزلتْ فبدأَ بعائشةَ فخيَّرها فاختارتْ الله ورسولَه والدَّارَ الآخرةَ ثمَّ اختارتِ الباقياتُ اختيارَها فشكرَ لهنَّ الله ذلكَ فنزلَ : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ النساء مِن بَعْدُ } [ سورة الأحزاب ، الآية52 ] واختُلف في أنَّ هذا التخييرَ هل كان تفويض الطَّلاقِ إليهنَّ حتَّى يقعَ الطَّلاقُ بنفسِ الاختيارِ أو لا . فذهبَ الحسنُ وقَتَادةُ وأكثرُ أهلِ العلمِ إلى أنَّه لم يكُن تفويضَ الطَّلاقِ وإنَّما كانَ تخييراً لهنَّ بينَ الإرادتينِ على أنهنَّ إنْ أردنَ الدُّنيا فارقهنَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كما يُنبئ عنه قولُه تعالى : { فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ } [ سورة الأحزاب ، الآية33 ] وذهبَ آخرون إلى أنَّه كانَ تفويضاً للطَّلاقِ إليهنَّ حتَّى لو أنهنَّ اخترنَ أنفسهنَّ كان ذلك طلاقاً وكذا اختُلف في حكمِ التَّخييرِ فقال ابنُ عمرَ وابنُ مسعودٍ وابنُ عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهم : إذَا خيَّر رجلٌ امرأتَه فاختارتْ زوجَها لا يقعُ شيءٌ أصلاً ولو اختارتْ نفسَها وقعتْ طلقةً بائنةً عندنا ورجعيَّةً عند الشَّافعيِّ ، وهو قولُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ وابنِ أبي لَيْلَى وسفيانَ ، ورُوي عن زيدِ بنِ ثابتٍ أنَّها إنِ اختارتْ زوجَها يقعُ طلقةً واحدةً وإنِ اختارتْ نفسَها يقعُ ثلاثَ طَلَقاتٍ وهو قولُ الحسنِ وروايةٌ عن مالكٍ . ورُوي عن عليَ رضي الله عنه أنَّها إنِ اختارتْ نفسَها فواحدةٌ بائنةٌ ورُوي عنه أيضاً أنها إنِ اختارتْ زوجَها لا يقعُ شيءٌ أصلاً ، وعليه إجماعُ فقهاءِ الأمصارِ . وقد رُوي عن عائشةَ رضي الله عنها : ( خيَّرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاخترنَاهُ ولم يعدَّه طلاقاً ) . وتقديمُ التَّمتيعِ على التَّسريحِ من بابِ الكرمِ وفيه قطعٌ لمعاذيرهنَّ من أولِ الأمرِ . والمتعةُ في المطلقةِ التي لم يُدخل بها ولم يُفرض لها صَداقٌ عند العقدِ واجبةٌ عندَنا وفيما عداهنَّ مستحبَّةٌ وهي دِرعٌ وخمارٌ وملحفةٌ بحسبِ السَّعةِ والإقتارِ إلا أنْ يكونَ نصفُ مهرِها أقلَّ من ذلكَ فحينئذٍ يجبُ لها الأقلُّ منهُما ولا ينقصُ عن خمسةِ دراهمٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.