غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

21

ولما أرشد نبيه إلى القسم الأول بقوله { اتقِ الله } أرشده إلى القسم الآخر وبدأ بالزوجات لأنهن أولى الناس بالشفقة ولهذا قدّمهنّ في النفقة . لنبن تفسير الآية على مسائل منها : أن التخيير هل كان واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ فنقول : التخيير قولاً كان واجباً بالاتفاق لأنه إبلاغ الرسالة ، وأما التخيير معنى فمبني على أن الأمر للوجوب أم لا . ومنها أن واحدة منهن لو اختارت الفراق هل كان يعتبر اختيارها فراقاً ؟ والظاهر أنه لا يعتبر فراقاً وإنما تبين المختارة نفسها بإبانة من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله { فتعالين } وعلى هذا التقرير فهل كان يجب على النبي صلى الله عليه وسلم الطلاق أم لا ؟ الظاهر الوجوب ، لأن خلف الوعد منه غير جائز بخلاف الحال فينا فإِنه لا يلزمنا الوفاء بالوعد شرعاً . ومنها أن المختارة بعد البينونة هل كانت تحرم على غيره الظاهر نعم ليكون التخيير ممكناً لها من التمتع بزينة الدنيا . ومنها أن المختارة لله ورسله هل يحرم طلاقها ؟ الظاهر نعم بمعنى أنه لو أتى بالطلاق لعوتب . وفي تقديم اختيار الدنيا إشارة إلى أنه كان لا يلتفت إليهن كما ينبغي اشتغالاً بعبادة ربه . وكيفية المتعة وكميتها ذكرناهما في سورة البقرة . والسراح الجميل كقوله { أو تسريح بإحسان } [ الآية : 229 ] .

/خ40