فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

قوله : { يا أيها النبي قُل لأزواجك } قيل : هذه الآية متصلة بمعنى ما تقدّمها من المنع من إيذاء النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وكان قد تأذّى ببعض الزوجات . قال الواحدي : قال المفسرون : إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سألنه شيئاً من عرض الدنيا ، وطلبن منه الزيادة في النفقة ، وآذينه بغيرة بعضهنّ على بعض ، فآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهنّ شهراً ، وأنزل الله آية التخيير هذه ، وكنّ يومئذ تسعاً : عائشة وحفصة وأمّ سلمة وأمّ حبيبة وسودة هؤلاء من نساء قريش ، وصفية الخيبرية وميمونة الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية . ومعنى { الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا } سعتها ونضارتها ورفاهيتها والتنعم فيها { فَتَعَالَيْنَ } أي أقبلن إليّ { أُمَتّعْكُنَّ } بالجزم جواباً للأمر ، أي أعطكنّ المتعة ، { و } كذا { أسرّحكنّ } بالجزم ، أي أطلقكنّ وبالجزم في الفعلين قرأ الجمهور ، وقرأ حميد الخراز بالرفع في الفعلين على الاستئناف ، والمراد بالسراح الجميل هو الواقع من غير ضرار على مقتضى السنة . وقيل : إن جزم الفعلين ، على أنهما جواب الشرط ، وعلى هذا يكون قوله : { فتعالين } اعتراضاً بين الشرط والجزاء .

/خ34