فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

{ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا 28 وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما 29 }

لكأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن ، لما نصر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ورد عنه الأحزاب وفتح عليه النضير وقريظة كأنهن ظنن أنه اختص بنفائس اليهود وكنوزهم ، فقعدن حوله وقلن : يا رسول الله ! بنات كسرى وقيصر في الحلي والحلل والإماء والخول ونحن على ما تراه من الفاقة والضيق ، وآلمن قلبه الشريف عليه الصلاة والسلام ، [ وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من عرض الدنيا ، إما زيادة في النفقة أو غير ذلك فاعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا فيما ذكر ثم أمره الله أن يخيرهن بين الصبر عليه والرضا بما قسم لهن والعمل بطاعة الله وبين أن يمتعهن ويفارقهن إن لم يرضين بالذي يقسم لهن . . ]{[3623]} .

روى البخاري ومسلم- واللفظ لمسلم- عن جابر بن عبد الله قال : دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم ، قال : - فأذن لأبي بكر فدخل ، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له ، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا- قال : - فقال والله لأقولن شيئا أضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ، " هن حولي كما ترى يسألنني النفقة " فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها ، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها ، كلاهما يقول : تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده ! ! فقلن : والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده ، ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين ، ثم نزلت عليه هذه الآية : { يا أيها النبي قل لأزواجك- حتى بلغ- للمحسنات منكن أجرا عظيما } قال : فبدأ بعائشة فقال : " ياعائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك " قالت : وما هو يا رسول الله ؟ فتلا عليها الآية . قالت : أفيك يا رسول الله أستشير أبوي ؟ بل أختار الله ورسوله والدار والآخرة ، وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت . قال : " لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا " . . وفي الترمذي زيادة : وفعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت . قال : هذا حديث حسن صحيح .


[3623]:ما بين العارضتين [ ] مما أورد الطبري.