التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

{ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } الآية : سببها أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم تغايرن حتى غمه ذلك ، وقيل : طلبن منه الملابس ونفقات كثيرة ، وكان أزواجه يومئذ تسع نسوة خمس من قريش وهن عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسودة بنت زمعة ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وأم سلمة بنت أبي أمية ، وأربع من غير قريش وهم ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وصفية بنت حييّ من بني إسرائيل وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق . { فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا } أصل تعال أن يقوله من كان في موضع مرتفع لمن في موضع منخفض ثم استعملت بمعنى أقبل في جميع الأمكنة ؛ و{ أمتعكن } من المتعة وهي الإحسان إلى المرأة إذا طلقت والسراح الطلاق ، فمعنى الآية : أن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه بين الطلاق والمتعة إن أرادوا زينة الدنيا ، وبين البقاء في عصمته إن أرادوا الآخرة ، فبدأ صلى الله عليه وسلم بعائشة : فاختارت البقاء في عصمته ، ثم تبعها سائرهن في ذلك ، فلم يقع طلاق ، وقالت عائشة : خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ولم يعد ذلك طلاقا ، وإذا اختارت المخيرة الطلاق : فمذهب مالك أنه ثلاث . وقيل : طلقة بائنة ، وقيل : طلقة رجعية ووصف السراح بالجميل : يحتمل أن يريد أنه دون الثلاث ، أو يريد أنه ثلاث ، وجماله حسن الرعي والثناء وحفظ العهد .