فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ } قيل هذه الآية متصلة بمعنى ما تقدمها من المنع من إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان قد تأذى ببعض الزوجات . قال الواحدي قال المفسرون : إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سألنه شيئا من عرض الدنيا ، وطلبن منه الزيادة في النفقة ، وآذينه بغيرة بعضهن على بعض ، فآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهن شهرا وأنزل الله آية التخيير هذه ، وكن يومئذ تسعا : عائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وأم حبيبة ، وسودة ، وهؤلاء من نساء قريش ، وصفية الخيبرية ، وميمونة الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت حارث المصطلقية .

واختلف في عدة أزواجه صلى الله عليه وسلم وترتيبهن وعدة من مات منهن قبله ، ومن مات هو عنهن ، ومن دخل بها ومن لم يدخل بها ، ومن خطبها ولم ينكحها ومن عرضت نفسها عليه ، والمتفق على دخوله بهن إحدى عشرة امرأة ، كذا في المواهب وقد بسط الكلام عليهن في المقصد الثاني منه جدا فارجع إليه إن شئت .

{ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } أي سعتها ونضارتها ورفاهيتها وكثرة الأموال والتنعم فيها { فَتَعَالَيْنَ } أي أقبلن إلي بإرادتكن واختياركن لأحد الأمرين .

{ أُمَتِّعْكُنَّ } أي أعطيكن المتعة { وَأُسَرِّحْكُنَّ } أي أطلقكن قرأ الجمهور في الفعلين بالجزم جوابا للأمر . وقيل إن جزمهما على أنهما جواب الشرط وعلى هذا يكون قوله فتعالين اعتراضا بين الشرط والجزاء ، وقرئ بالرفع فيهما على الاستئناف { سَرَاحًا جَمِيلا } المراد به هو الواقع من غير ضرار على مقتضى السنة .