أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

شرح الكلمات :

{ أفلم يروا } : أي ينظروا .

{ إلى ما بين أيديهم وما خلفهم } : أي من أمامهم وورائهم وفوقهم وتحتهم إذ هم محاطون من كل جهة من السماء والأرض .

{ أو نسقط عليهم كسفاً } : أي قطعاً جمع كسِفة أي قطعة .

{ إن في ذلك لآية } : أي علامة واضحة ودليلاً قاطعاً على قدرة الله عليهم .

{ لكل عبد منيب } : أي لكل مؤمن منيب إلى ربّه رجَّاع إليه في أمره كله .

المعنى :

ثم قال تعالى مهدداً لهم لعلهم يرتدعون عن التهجم والتهكم بالنبي صلى الله عليه وسلم { أفلم يروا } أي أعموا فلم يروا إلي ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض أفلم ينظروا كيف هم محاطون من فوقهم ومن تحتهم ومن أمامهم ومن ورائهم أي الأرض تحتهم والسماء فوقهم { إن نشأ نخسف بهم الأرض } فيعودون فيها { أو نسقط عليهم كسفاً } أي قطعاً من السماء فتهلكهم عن آخرهم فلا يجدون مهرباً والجواب لا ، لأنهم مهما جروْا هاربين لا تزال السماء فوقهم والأرض تحتهم والله قاهر لهم متى شاء خسف بهم أو أسقط السماء عليهم .

وقوله تعالى { إن في ذلك لآية لكل عبد منيب } أي إن في ذلك المذكور من إحاطة السماء والأرض وقدرة الله على خسف من شاء خسف الأرض بهم وإسقاط كِسَفٍ من السماء من شاء ذلك لهم آية . وعلامة بارزة على قدرة الله على إهلاك من شاء ممن كفروا بالله وبرسوله وكذبوا بلقائه . وكون المذكور آية لكل عبد منيب دون غيره لأن المنيب هو الرجاع إلى ربه كلما أذنب آب لخشيته من ربه فالخائف الخاشي هو الذي يجد الآية واضحة أمامه في إحاطة الأرض والسماء بالإِنسان وقدرة الله على خسف الأرض به أو إسقاط السماء كسفاً عليه .

الهداية :

من الهداية :

- لفت الأنظار غلى قدرة الله تعالى المحيطة بالإِنسان ليخشى الله تعالى ويرهبه فيؤمن به ويعبده ويوحده .

- فضل الإِنابة إلى الله وشرف المنيب . والإِنابة الرجوع إلى التوبة بعد الذنب والمعصية ، والمنيب الذي رجع في كل شيء إلى ربه تعالى .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

ولما كانوا قد أنكروا الساعة لقطعهم بأن من مزق كل ممزق لا يمكن إعادته ، فقطعوا جهلاً بأن الله تعالى لا يقول ذلك ، فنسبوا الصادق صلى الله عليه وسلم في الإخبار بذلك إلى أحد أمرين : تعمد الكذب أو الجنون . شرع سبحانه يدل على صدقه في جميع ما أخبر به ، فبدأ بإثبات قدرته على ذلك بما يشاهدون من قدرته على ما هو مثله ، أو أعظم منه مشيرا إلى أن إنكارهم لذلك مستند{[56424]} إلى ضلالهم بسبب غفلتهم عن تدبر الآيات ، فكان المعنى : ضلوا فلم يروا ، فدل عليه منكراً عليهم مهدداً لهم مقرراً لذوي العقول من السامعين بقوله : { أفلم يروا } ونبه على أنهم في محل بعد عن الإبصار النافع بحرف النهاية فقال : { إلى ما بين أيديهم } أي أمامهم { وما خلفهم } وذلك إشارة إلى جميع الجوانب من كل من الخافقين وأنهما{[56425]} قد أحاطا بهم كغيرهم . ولما لم تدع حاجة إلى الجمع أفرد فقال : { من السماء والأرض } أي اللذين جعلنا{[56426]} مطلع السورة أن لنا كل ما فيهما .

ولما كان الإنكار لائقاً{[56427]} بمقام العظمة ، فكان المعنى : إنا نفعل بهما وفيهما ما نشاء ، عبرعنه بقوله : { إن نشأ } بما لنا من العظمة - على قراءة الجمهور{[56428]} { نخسف } أي نغور { بهم } وأدغم الكسائي إلى أنه سبحانه قد يفعل ذلك في أسرع من اللمح بحيث يدرك لأكثر الناس وقد يفعله على وجه الوضوح وهو أكثر - بما أشارت إليه قراءة الإظهار للجمهور . ولما كان الخسف قد يكون لسطح أو سفينة ونحوهما ، خص الأمر بقوله{[56429]} : { الأرض } أي{[56430]} كما فعلنا بقارون وذويه{[56431]} لأنه ليس نفوذ بعض أفعالنا فيها بأولى من غيره{[56432]} { أو نسقط عليهم كسفاً } بفتح السين على قراءة حفص{[56433]} وبإسكانه على قراءة غيره أي قطعاً { من السماء } كذلك ليكون شديد الوقع لبعد الموقع المدى عن السحاب ونحوه{[56434]} لأن من المعلوم أنا نحن خلقناهما ، ومن أوجد شيئاً قدر على {[56435]}هذه وهذا{[56436]} ما أراد منه ، ومن جعل السياق للغيب - وهو{[56437]} حمزة والكسائي - رد الضمير على الاسم الأعظم الذي جعله مطلع السورة .

ولما كان هذا أمراً ظاهراً ، أنتج قوله مؤكداً لما لهم من إنكار البعث : { إن في ذلك } أي في{[56438]} قدرتنا على ما نشاء من كل منهما والتأمل في فنون تصاريفهما { لآية } أي علامة بينة على أنا نعامل من شئنا فيهما بالعدل بأي عذاب أردنا ، ومن شئنا بالفضل بأي ثواب أردنا ، وذلك دال على أنا قادرون على كل ما نشاء من الإماتة والإحياء وغيرهما ، فقد خسفنا بقارون وآله وبقوم لوط وأشياعهم ، وأسقطنا من السماء على أصحاب الأيكة يوم الظلة{[56439]} قطعاً من النار ، وعلى قوم لوط حجارة ، فأهلكناهم بذلك أجمعين{[56440]} . ولما كانت الآيات لا تنفع من طبع على العناد قال تعالى : { لكل عبد } أي متحقق أنه {[56441]}مربوب ضعيف{[56442]} مسخر لما يراد منه { منيب * } أي فيه قابلية الرجوع عما أبان له الدليل عن أنه زل فيه .


[56424]:من مد، وفي الأصل وظ وم: مستندا.
[56425]:في ظ: أنهم.
[56426]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جعلناهما.
[56427]:من م ومد، وفي الأصل وظ: لا يقام.
[56428]:راجع نثر المرجان 5/453.
[56429]:زيد ما بين الحاجزين من ظ ومد.
[56430]:سقط من ظ.
[56431]:من مد، وفي الأصل وظ وم: دريه.
[56432]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: غيرها.
[56433]:راجع نثر المرجان 5/454.
[56434]:زيد ما بين الحاجزين من ظ ومد.
[56435]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هزه وهدم.
[56436]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هزه وهدم.
[56437]:زيد في الأصل وم: قراءة، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[56438]:زيد من ظ وم ومد.
[56439]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الظلمة.
[56440]:ليس في ظ وم ومد.
[56441]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مدبوب متصف.
[56442]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مدبوب متصف.