أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (7)

شرح الكلمات :

{ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم } : أي أذكر لقومك أخذنا من النبيين ميثاقهم على أن يعبدوا الله وحده ويدعوا إلى عبادته .

{ ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى } : أي وأخذنا بخاصة منك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ، وقدم محمد صلى الله عليه وسلم في الذكر تشريفا وتعظيما له .

{ وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } : أي شديداً والميثاق : العهد المؤكد باليمين .

المعنى :

وقوله تعالى { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم } أي اذكر يا رسولنا لقومك أخذنا الميثاق وهو العهد المؤكد باليمين من النبيين عامة بأن يعبدوا الله وحده ويدعوا أُممهم إلى ذلك ، ومن أُولى العزم من الرسل خاصة وهم أنت يا محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وقوله { وأخذنا منهم ميثاقاً غليظا } أُعيد اللفظ تكراراً لتقريره ، وليرتب عليه قوله { ليسأل } .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب توحيد الله تعالى في عبادته ودعوة الناس إلى ذلك .

- تقرير التوحيد بأخذ الميثاق به على كافة الأنبياء والمرسلين .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (7)

قوله تعالى : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم " أي عهدهم على الوفاء بما حملوا ، وأن يبشر بعضهم ببعض ، ويصدق بعضهم بعضا ، أي كان مسطورا حين كتب الله ما هو كائن ، وحين أخذ الله تعالى المواثيق من الأنبياء . " ومنك " يا محمد " ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم " وإنما خص هؤلاء الخمسة وإن دخلوا في زمرة النبيين تفضيلا لهم . وقيل : لأنهم أصحاب الشرائع والكتب ، وأولو العزم من الرسل وأئمة الأمم . ويحتمل أن يكون هذا تعظيما في قطع الولاية بين المسلمين والكافرين ، أي هذا مما لم تختلف فيه الشرائع ، أي شرائع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . أي كان في ابتداء الإسلام توارث بالهجرة ، والهجرة سبب متأكد في الديانة ، ثم توارثوا بالقرابة مع الإيمان وهو سبب وكيد ، فأما التوارث بين مؤمن وكافر فلم يكن في دين أحد من الأنبياء الذين أخذ عليهم المواثيق ، فلا تداهنوا في الدين ولا تمالئوا الكفار . ونظيره : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا " إلى قوله " ولا تتفرقوا فيه " {[12718]} [ الشورى : 13 ] . ومن ترك التفرق في الدين ترك موالاة الكفار . وقيل : أي النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم كان ذلك في الكتاب مسطورا ومأخوذا به المواثيق من الأنبياء . " وأخذنا منهم ميثاقا غليظا " أي عهدا وثيقا عظيما على الوفاء بما التزموا من تبليغ الرسالة ، وأن يصدق بعضهم بعضا . والميثاق هو اليمين بالله تعالى ، فالميثاق الثاني تأكيد للميثاق الأول باليمين . وقيل : الأول هو الإقرار بالله تعالى ، والثاني في أمر النبوة . ونظير هذا قوله تعالى : " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري " {[12719]} [ آل عمران : 81 ] الآية . أي أخذ عليهم أن يعلنوا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعلن محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نبي بعده . وقدم محمدا في الذكر لما روى قتادة عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح " قال : ( كنت أولهم في الخلق وآخرهم في البعث ) . وقال مجاهد : هذا في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام .


[12718]:راجع ج 16 ص 9 فما بعد.
[12719]:راجع ج 4 ص 124 فما بعد.