محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (7)

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } أي أخذنا عهودهم بتبليغ الرسالة والدعاء إلى الحق والتعاون والتناصر والاتفاق وإقامة الدين وعدم التفرق فيه . كما قال تعالى : { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أءقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين } . قال أبو السعود : وتخصيصهم بالذكر ، يعني قوله : { ومنك } الخ مع اندراجهم في النبيين ، للإيذان بمزيد مزيتهم وفضلهم وكونهم من مشاهير أرباب الشرائع وأساطين أولي العزم . وتقديم نبينا عليهم ، عليهم الصلاة والسلام ، لإبانة خطره الجليل . انتهى .

وقال في ( الانتصاف ) : وليس التقديم في الذكر بمقتض لذلك . ألا ترى إلى قوله :

بهاليل منهم جعفر وابن أمه *** علي ومنهم أحمد المتخير

فأخر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم به تشريفا له .

وإذا ثبت أن التفضيل ليس من لوازمه التقديم ، فيظهر ، والله أعلم في سر تقديمه عليه الصلاة والسلام على نوح ومن بعده في الذكر ، أنه هو المخاطب من بينهم ، والمنزل عليه المتلو ، فكان تقديمه لذلك .

ثم لما قدم ذكره عليه الصلاة والسلام ، جرى ذكر الأنبياء ، صلوات الله عليهم بعده على ترتيب أزمنة وجودهم . والله أعلم . انتهى .

وقد صرح بأولي العزم هنا وفي آية {[6136]} : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } . قال ابن كثير : فهذه الوصية التي أخذ عليهم الميثاق بها . { وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا } أي عهدا عظيم الشأن . وكيف لا ؟ وقد يعترضه من الماكرين والمحادين والمشاقين ، ما تزول منه الجبال ، لولا الاعتصام بالصبر عليه .


[6136]:(42 / الشورى / 13).