تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (7)

الآية 7 وقوله تعالى : { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } قال بعضهم : خص هؤلاء لأن أهل الشرع من الرسل ، هم هؤلاء كقوله : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } الآية : [ الشورى : 13 ] . لكنه قد ذكر في آية أخرى ما يدل أن غير هؤلاء كان لهم أيضا شرع كقوله : { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده } الآية [ النساء : 163 ] .

وجائز أن يكون تخصيص هؤلاء بأخذ الميثاق لنهم هم أولو العزم من الرسل حين قال : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] أو أن يكون لا على التخصيص لمن ذكر ، ولكن على إرادة الكل ، والله أعلم .

ثم اختلف في أخذ الميثاق : قال بعضهم : أخذ ميثاقهم على أن يبشر بعضهم ببعض ، يبشر نوح بإبراهيم ، وإبراهيم بموسى ، وموسى بعيسى ، وعيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم .

وقال بعضهم : أخذ ميثاقهم ليصدق بعضهم بعضا ، وأن يدعوا إلى عبادة الله تعالى ، وأن ينصحوا لقومهم .

وجائز أن يكون ما ذكر من أخذ الميثاق منهم لما ذكر على إثره { ليسأل الصادقين عن صدقهم } أخذ منهم الميثاق في تبليغ الرسالة إلى قومهم ليسألهم عن صدقهم أنهم قد بلغوا { وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } لأن تبليغ الرسالة على الفراعنة منهم وأعداء الله صعب [ شديدة مخاطره ]( {[16501]} ) ، فيه هلاك النفس وفوات الروح ، وهو ما قال : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } الآية : [ المائدة : 67 ] .


[16501]:في الأصل وم: شديد مخاطرة.