ولما كان نقض العوائد وتغيير المألوفات مما يشق كثيراً على النفوس ، ويفرق المجتمعين ، ويقطع بين المتواصلين ، ويباعد بين المتقاربين ، قال مذكراً له صلى الله عليه وسلم بما أخذ على من قبله من نسخ أديانهم بدينه ، وتغيير مألوفاتهم بإلفه ، ومن نصيحة قومهم بإبلاغهم كل ما أرسلوا به ، صارفاً القول إلى مظهر العظمة لأنه أدعى إلى قبول الأوامر : { وإذا } فعلم أن التقدير : {[55090]}اذكر ذلك - أي ما سطرناه لك{[55091]} قبل هذا في كتابك ، واذكر إذ { أخذنا } بعظمتنا { من النبيين ميثاقهم } في تبليغ الرسالة في المنشط والمكره ، وفي تصديق بعضهم لبعض ، وفي اتباعك فيما أخبرناك به في قولنا
{ لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه }[ آل عمران : 81 ] وقولهم : أقررنا .
ولما ذكره ما أخذ على جميع الأنبياء من العهد في تغيير مألوفاتهم إلى ما يأمرهم سبحانه به{[55092]} من إبلاغ ما يوحى إليهم والعمل بمقتضاه ، ذكره ما أخذ عليه من العهد في التبليغ فقال : { ومنك } أي في قولنا في هذه السورة { اتق الله واتبع ما يوحى إليك } وفي المائدة
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس }[ المائدة : 67 ] فلا تهتم بمراعاة عدو ولا خليل حقير ولا جليل ، ولما{[55093]} أتم المراد إجمالاً وعموماً ، وخصه صلى الله عليه وسلم من ذلك العموم مبتدئاً به بياناً لتشريفه ولأنه المقصود بالذات بالأمر بالتقوى واتباع الوحي لأجل التبني وغيره ، أتبعه بقية أولي العزم{[55094]} الذين هم أصحاب الكتب ومشاهير أرباب الشرائع ، تأكيداً للأمر وتعظيماً للمقام ، لأن من علم له شركاً في أمر اجتهد في سبقه فيه ، ورتبهم على ترتيبهم في الزمان لأنه لم يقصد المفاضلة{[55095]} بينهم ، بل التآسية بالمتقدمين والمتأخرين فقال : { ومن نوح } أول الرسل إلى المخالفين { وإبراهيم } أبي الأنبياء { وموسى } أول أصحاب الكتب من أنبياء بني إسرائيل { وعيسى ابن مريم } ختامهم ، نسبه{[55096]} إلى أمه مناداة على من ضلَّ فيه بالتوبيخ والتسجيل بالفضيحة ؛ ثم زاد في تأكيد الأمر وتعظيمه تعظيماً للموثق فيه ، وإشارة إلى مشقته ، فقال مؤكداً بإعادة العامل ومظهر العظمة لصعوبة{[55097]} الرجوع عن المالوف : { وأخذنا منهم } أي بعظمتنا في ذلك { ميثاقا غليظاً } استعارة من وصف الأجرام العظام كناية عن{[55098]} أنه لا يمكن قطعه لمن أراد الوصلة بنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.