{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ } كأنه قال : يا أيها النبي اتق الله واذكر أن الله أخذ ميثاق الأنبياء أو التقدير كان هذا الحكم مكتوبا في الكتاب ووقت أخذنا ، قاله السمين ، قال قتادة أخذ الله الميثاق على النبيين خصوصا على أن يصدق بعضهم بعضا ويتبع بعضهم بعضا ، أن ينصحوا لقومهم وأن يعبدوا الله ويدعوا الناس إلى عبادته ، وإلى الدين القيم ، وأن يبلغوا رسالات ربهم ، وذلك حين أخرجوا من صلب آدم كالذر – وهو جمع ذرة – وهي أصغر النمل وهي صغيرة جدا ، بحيث إن نحو الأربعين منها أصغر من جناح بعوضة – والميثاق هو اليمين ، وقيل هو الإقرار بالله والوصية والأمر ، والأول أولى ، وقد سبق تحقيقه ، ثم خصص سبحانه بعض النبيين بالذكر بعد التعميم الشامل لهم لغيرهم فقال :
{ وَمِنكَ } خصوصا { وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } ووجه تخصيصهم بالذكر الإعلام بأن لهم مزيد شرف وفضل لكونهم أصحاب الشرائع المشهورة ، والكتب المذكورة ، ومن أولي العزم من الرسل وتقديم ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم مع تأخر زمانه فيه من التشريف له والتعظيم ما لا يخفى ، وتقديم نوح في آية : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ، لأنها سقيت لوصف ما بعث به نوح من العهد القديم ، وما بعث به نبينا صلى الله عليه وسلم من العهد الحديث وما بعث به من توسطهما من الأنبياء المشاهير ، فكان تقديم نوح فيها أشد مناسبة للمقصود من بيان أصالة الدين وقدمه ، وقاله الكرخي . ثم أكد ما أخذه على النبيين من الميثاق بتكرير ذكره ووصفه بالغلظ فقال :
{ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا } أي عهدا شديد على الوفاء بما حملوا أو ما أخذه الله عليهم من عبادته والدعاء إليها ، ويجوز أن يكون قد أخذ الله عليهم الميثاق مرتين : فأخذه عليهم في المرة الأولى مجرد الميثاق بدون تغليظ ولا تشديد ، ثم أخذه عليهم ثانية مغلظا شديدا ، ومثل هذه الآية قوله : { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه }
أخرج الطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل عن أبي مريم الغساني أن أعرابيا قال : يا رسول الله أي شيء كان أول نبوتك قال : أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم ، ثم تلا هذه الآية إلى قوله : ميثاقا غليظا ، ودعوة إبراهيم قال : وابعث فيهم رسولا منهم ، وبشرى عيسى ابن مريم ، ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام .
وعن ابن عباس قال : قيل يا رسول الله متى أخذ ميثاقك ؟ قال وآدم بين الروح والجسد ، وعنه قال : قيل يا رسول الله متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد ، أخرجه البزار والطبراني ، وفي الباب أحاديث قد صحح بعضها . وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الآية : كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث ، فبدأ بي قبلهم . أخرجه ابن عساكر ، وابن مردويه ، وأبو نعيم . وعن ابن عباس قال ميثاقهم عهدهم ، وعنه قال إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.