ثم ذكر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم بالعهد الذى أخذه عليه وعلى الأنبياء من قبله ، فقال - تعالى - : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين . . . عَذَاباً أَلِيماً } .
والميثاق : العهد الموثق المؤكد ، مأخوذ من لفظ وثق ، المتضمن معنى الشد والربط على الشئ بقوة وإحكام .
أى : واذكر - أيها الرسول الكريم - وقت أن أخذنا من جميع النبيين العهد الوثيق ، على أن يبلغوا ما أوحيناه إليهم من هداياتا للناس ، وعلى أن يأمروهم بإخلاص العبادة لنا ، وعلى أن يصدق بعضهم بعضا فى أصول الشرائع ومكارم الأخلاق . . كما أخذنا هذا العهد الوثيق منك ، ومن أنبيائنا نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم .
وخص هؤلاء الأنبياء بالذكر ، للتنويه بفضلهم ، فهم وألو العزم من الرسل ، وهم الذين تحلموا فى سبيل إعلاء كلمة الله - تعالى - أكثر ما تحمل غيرهم .
وقدم صلى الله عليه وسلم فى قوله { وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ } لمزيد فضله صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء .
قال الآلوسى : ولا يضر تقديم نوح - عليه السلام - فى سورة الشورى ، أعنى قوله - تعالى - : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } إذ للك مقام مقال . والمقام فى سورة الشورى وصف دين الإِسلام بالأصالة . والمناسب فيه تقديم نوح ، فكأنه قيل : شرع لكم الدين الأصيل الذى بعث عليه نوح فى العهد القديم ، وبعث عليه محمد صلى الله عليه وسلم فى العهد الحديث ، وبعث عليه من توسط بينهما من الأنبياء .
وقوله - سبحانه - : { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } معطوف على ما قبله وهو { أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ } ، لإِفادة تفخيم شأن هذا الميثاق المأخوذ على الأنبياء ، وبيان أنه عهد فى أقصى درجات الأهمية والشدة .
أى : وأخذنا من هؤلاء الأنبياء عهدا عظيم الشأن ، بالغ الخطورة ، رفيع المقدار .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : فماذا أراد بالميثاق الغليظ ؟
قلت : أراد به ذلك الميثاق بعينه . إذ المعنى : وأخذنا منهم بذلك الميثاق ميثاقا غليظا .
والغلظ استعارة فى وصف الأجرام . : والمراد : عظم الميثاق وجلالة شأنه فى بابه .
وقيل : المراد بالميثاق الغليظ : اليمين بالله على الوفاء بما حملوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.