أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

شرح الكلمات :

{ بعد المشرقين } : أي كما بين المشرق والمغرب من البعد قال هذا تبرؤا منه .

المعنى :

وقوله تعالى : { حتى إذا جاءنا } أي يوم القيامة قال العاشي عن ذكر الرحمان يا ليت متمنيا بيني وبينك بعد المشرقين أي يتمنى لو أن بينه وبين قرينه من الشياطين من البعد كما بين المشرق والمغرب .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ} (38)

قوله تعالى : " حتى إذا جاءنا " على التوحيد قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص يعني الكافر يوم القيامة . الباقون " جاءانا " على التثنية ، يعني الكافر وقرينه وقد جعلا في سلسلة واحدة ، فيقول الكافر : " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين " أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، كما قال تعالى : " رب المشرقين ورب المغربين " {[13642]} [ الرحمن : 17 ] ونحوه قول مقاتل . وقراءة التوحيد وإن كان ظاهرها الإفراد فالمعنى لهما جميعا ؛ لأنه قد عرف ذلك بما بعده ، كما قال :

وعينٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ *** شَقَّتْ مآقيهما من أُخَرْ{[13643]}

قال مقاتل : يتمنى الكافر أن بينهما بعد المشرق أطول يوم في السنة إلى مشرق أقصر يوم في السنة ، ولذلك قال : " بعد المشرقين " . وقال الفراء : أراد المشرق والمغرب فغلب اسم أحدهما ، كما يقال : القمران للشمس والقمر ، والعمران لأبي بكر وعمر ، والبصرتان للكوفة والبصرة ، والعصران للغداة والعصر . وقال الشاعر :

أخذنا بآفاق السماء عليكم *** لنا قَمَراها والنُّجومُ الطوالع

وأنشد أبو عبيدة لجرير :

ما كان يرضى رسول الله فعلَهم *** والعمرانِ أبو بكر ولا عمر

وأنشد سيبويه :

قَدْنيَ من نصر الخُبَيبَيْن قَدِي

يريد عبد الله ومصعبا ابني الزبير ، وإنما أبو خبيب عبدالله . " فبئس القرين " أي فبئس الصاحب أنت ؛ لأنه يورده إلى النار . قال أبو سعيد الخدري : إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير به إلى النار .


[13642]:آية 17 سورة الرحمن.
[13643]:البيت لامرئ القيس: وحدرة: مكتنزة صلبة، وقيل الواسعة الجاحظة. وبدرة: تبدر بالنظر، وقيل تامة كالبدر.