أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا} (26)

شرح الكلمات :

{ ظاهروهم } : أي ناصروهم ووقفوا وراءهم يشدون أزرهم .

{ من صياصيهم } : أي من حصونهم والصياصي جمع صيصيَّة وهي كل ما يمتنع به .

{ وقذف في قلوبهم الرعب } : أي ألقى الخوف في نفوسهم فخافوا .

المعنى :

قوله تعالى { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب } هذا شروع في ذكر غزوة بني قريظة إذ كانت بُعيد غزوة الخندق في السنة الخامسة من الهجرة في آخر شهر القعدة وخلاصة الحديث عن هذه الغزوة أنه لما ذهب الأحزاب واد الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون إلى المدينة وكان بنو قريظة قد نقضوا عهدهم وانضموا إلى الأحزاب من المشركين عوناً لهم على رسول الله والمؤمنين فلما ذهب الأحزاب وانصرف الرسول والمؤمنون من الخندق إلى المدينة فما راع الناس إلا ومنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي إلى بني قريظة فلا يصلِّين أحدكم العصر إلا ببني قريظة وهي على أميال من المدينة وذلك أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم ظهر ذلك اليوم فقال يا رسول الله وضعت السلاح إن الله يأمرك بالسير غلى بني قريظة فقام رسول الله وأمر منادياً ينادي بالذهاب إلى بني قريظة وذهب رسول الله والمسلمون فحاصروهم قرابة خمس وعشرين ليلة وجهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فقال لهم رسول الله " أتنزلون على حكمي " فأبوا فقال " أتنزلون على حكم سعد بن معاذ ؟ " فقالوا نعم فحكمه فيهم فحكم بأن يُقتل الرجال وتسبى الذراري والنساء وتقسم الأموال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرراً للحكم " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات " . فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار بنت الحارث من نساء بني النجار وخرج إلى سوق المدينة فحفر فيها خندقاً ثم جيء بهم وفيهم حيي بن أخطب الذي حزّب الأحزاب وكعب بن أسد رئيس بني قريظة ، وأمر علياً والزبير بضرب أعناقهم وطرحهم في ذلك الخندق .

وبذلك انتهى الوجود اليهودي المعادي بالمدينة النبويّة . والحمد لله .

فقوله تعالى { وأنزل } أي الله تعالى بقدرته { الذين ظاهروهم من أهل الكتاب } أي ظاهروا الأحزاب وكانوا عوناً لهم على الرسول والمؤمنين وهم يهود بني قريظة { من صياصيهم } أي أنزلهم من حصونهم الممتنعين بها ، { وقذف في قلوبهم الرعب } ولذا قبلوا التحكيم فحكّم فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأوس سعد بن معاذ رضي الله عنه فحكم فيهم بقتل المقاتلة من الرجال وسبي النساء والذراري وهو معنى قوله تعالى { فريقا تقتلون } وهم الرجال { وتأسرون فريقا } وهم النساء والأطفال .

الهداية :

من الهداية :

- بيان عاقبة الغدر فإِن قريظة لما غدرت برسول الله انتقم منها فسلط عليها رسوله والمؤمنين فأبادوهم عن آخرهم ولم يبق إلاّ الذين لا ذنب لهم وهم النساء والأطفال .