غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا} (26)

21

{ وأنزل الذين } ظاهروا الأحزاب { من أهل الكتاب من صياصيهم } والصيصية ما تحصن به ومنه يقال لقرن الثور والظبي ولشوكة الديك التي في ساقه صيصية لأن كلاً منها سبب التحصن به . " روي أن جبرائيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب على فرسه الحيزوم والغبار على وجه الفرس وعلى السرج فقال : ما هذا يا جبرائيل ؟ فقال : من متابعة قريش : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه الفرس وعن سرجه فقال : يا رسول الله إن الملائكة لم تضع السلاح إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وأنا عائد إليهم فإن الله داقهم دق البيض على الصفا ، وإنهم لكم طعمة . فأذن في الناس أن من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلي العصر إلا في بني قريظة ، فما صلى كثير من الناس العصر إلا هناك بعد العشاء الآخرة فحصارهم خمساً وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : تنزلون على حكمي . فأبوا فقال : على حكم سعد بن معاذ فرضوا به ، فقال سعد : حكمت فيهم أن تقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ثم أنزلهم وخندق في سوق المدينة خندقاً فقدمهم وضرب أعناقهم وهم ثمانمائة إلى تسعمائة " وقيل كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير . وإنما قدم مفعول { تقتلون } لأن القتل وقع على الرجال وكانوا مشهورين ، وكان الاعتناء بحالهم أشد ولم يكن في المأسورين هذا الاعتناء بل بقاؤهم هناك بالأسر أشد لأنه لو قال و " فريقا تأسرون " فإذا سمع السامع قوله " وفريقاً " ربما ظن أنه يقال بعده يطلقون أو لا يقدرون على أسرهم ولمثل هذا قدم قوله { وأنزل } على قوله { وقذف } وإن كان قذف الرعب قبل الإنزال وذلك أن الاهتمام والفرح بذكر الإنزال أكثر .

/خ40