الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا} (26)

وقوله تعالى : { وَأَنزَلَ الذين ظاهروهم } [ الأحزاب : 26 ] يريد : بني قُرَيْظَةَ ، وذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا غَدَرُوا وَظَاهَرُوا الأحْزَابَ ، أرادَ اللّهُ النِّقْمَة مِنْهُمْ فَلَمَّا ذَهَبَ الأَحْزَابُ جَاءَ جِبْرِيلُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقْتَ الظُّهْرِ فَقَالَ : يَا مْحَمَّدُ ( إنَّ اللّهَ يَأْمُرُكَ بِالخُرُوجِ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ ) فنادى رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ ، وَقَالَ لَهُمْ : ( لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَة ) ، فَخَرَجَ النَّاسُ إلَيْهِمْ ، وَحَصَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَمْساً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ نَزَلُوا على حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَحَكَمَ فِيهِمْ سَعْدٌ بِأَنْ تُقْتَلَ المُقَاتَلَةُ وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالْعِيَالُ وَالأَمْوَالُ ، وَأَنْ تَكُونَ الأَرْضَ وَالثِمَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الأَنْصَارِ ، فَقَالَتْ لَهُ الأَنْصَارُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُهَاجِرِينَ أَمْوَالٌ كَمَا لَكُمْ أَمْوَالٌ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ المَلِكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقَعَةٍ ) فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِرِجَالِهِمْ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقِهُمْ ، وَفِيهِمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّضِيرِيُّ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَدْخَلَهُمْ فِي الْغَدْرِ ، و{ ظاهروهم } معناه : عاوَنُوهم ، و«الصياصي » : الحُصُون ، واحدُها صيصيةٍ وهي كل ما يَتَمَنَّعُ به ومنه يقال لقرون : البقر الصياصي ، والفريقُ المقتولُ : الرجالُ والفريقُ المأسور : العيالُ والذُّرِّيَّة .