تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا} (26)

الآية 26 وقوله تعالى : { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم } ذكر في القصة أن اليهود يهود بني قريظة ظاهروا أبا سفيان وأصحابه على رسول الله وعلى المؤمنين ، ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه . فلما انهزم المشركون تحصّن بنو قريظة في حصونهم ، ورجع النبي إلى المدينة ، فجاءه جبريل ، فقال له : يا محمد ، والله ما وضع أهل السماء أسلحتهم ، وقد وضعتم أنتم أسلحتكم ، اخرج على بني قريظة ، فقال له النبي : فكيف أصنع بهم ، وهم في حصونهم( {[16573]} ) ؟ قال : أخرج إليهم ، فو الله لأدقّنهم بالخيل والرجال كما تدق البيضة على الصفا ، ولأخرجنهم من حصونهم( {[16574]} ) . فنادى رسول الله في الناس ، وأمر بالخروج على بني قريظة ، فخرجوا ، فحاصروهم كذا كذا ليلة حتى صالحهم على حكم سعد بن معاذ ، فنزلوا على حكمه .

فحكم سعد أن يقتل مقاتلتهم ، ويسبي ذراريّهم ونساءهم . فقيل : إن رسول الله قال يومئذ : ( يا سعد لقد حكمت فيهم بحكم الله ) [ البخاري : 3043 ] . فأخرجت المقاتلة ، فقتلوا ، وسبوا ذراريّهم ونساءهم ، فقسّم أرضهم بين المهاجرين . فقال قومه والأنصار : آثرت المهاجرين بالعقار دوننا ، فقال : إنكم ذوو عقار ، وإن القوم لا عقار لهم ، أو كلاما نحو هذا .

فذلك قوله : { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب } يعني الذين ظاهروا أبا سفيان والمشركين جميعا على رسول الله وأصحابه : { من صياصيهم } أي من حصونهم : { وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون } وهم المقاتلة : { وتأسرون فريقا } وهم النساء والذراري .


[16573]:في الأصل وم: حصنهم.
[16574]:في الأصل وم: حصنهم.