أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (8)

{ أم يقولون افتراه } : أي بل أيقولون افتراه أي اختلقه من نفسه .

{ قل إن افتريته } : أي قل لهم يا نبينا إن اختلقته من نفسي .

{ فلا تملكون لي من الله شيئاً } : أي فأنتم لا تملكون لي من الله شيئا إن أراد أن يعذبني .

{ هو أعلم بنا تفيضون فيه } : أي هو تعالى أعلم بما تخوضون فيه من القدح والطعن فيَّ وفي القرآن .

{ كفى به شهيداً بيني وبينكم } : أي كفى به تعالى شهيدا بيني وبينكم .

المعنى :

بل قالوا ما هو أشنع في الكذب وأبشع في النظر إذ قالوا ما أخبر به تعالى عنهم في قوله { أم يقولون افتراه } أي بل أيقولون افتراه أي اختلقه وتخرصه من نفسه وليس هو بكلام الله ووحيه إليه . وقوله تعالى { قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئاً } أي على فرض أنني افتريته على الله وقلت أوحيَ إليَّ ولم يُوحَ إليَّ وأراد الانتقام مني بتعذيبي ، فهل أنتم أو غيركم يستطيع دفع العذاب عني ، وعليه فكيف أُعرِّض نفسي للعذاب بالافتراء على الله تعالى ، فهذا لن يكون مني أبداً . وقوله تعالى { هو أعلم بما تفيضون فيه } أي الله جل جلاله هو أعلم من كل أحد بما تخوضون فيه مندفعين في الكلام تطعنون فيَّ وفي القرآن فتقولون فيَّ ساحر وفي القرآن سحر مبين وتقولون فيَّ مفترٍ وفي القرآن افتراء إلى غير ذلك من المطاعن والنقائض { وكفى به شهيدا بيني وبينكم } أي كفى بالله شهيدا عليَّ وعليكم فيما أقول وفيما تقولون وسيجزي كلا بما عمل { وهو الغفور الرحيم } لمن تاب فتوبوا إليه يغفر كفركم وخوضكم في الباطل ويرحمكم فإنه تعالى غفور لمن تاب رحيما بمن آمن وأناب .