تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (8)

المفردات :

افتراه : نسبه كذبا إلى الله .

تفيضون : تندفعون وتخوضون فيه .

التفسير :

8- { أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم } .

في هذه الآية رد على الكفار ، وبيان لعظمة الألوهية ، وإطلاع الله على كل شيء ، وأنه منتقم ممن كذب عليه ، وهو الحكم بين النبي وقومه ، وهو سبحانه غفور لمن تاب ، وقد جمعت الآية بين تعظيم الله جل جلاله والرد على اتهام الكفار للرسول ، وفتح الباب أمام توبة التائبين منهم .

ومعنى الآية :

بل أيقولن إن محمدا افترى هذا القرآن واختلقه من عند نفسه ، وثم نسبه زورا إلى الله ؟

ثم يلقن الله رسوله الحجة ليقول لهم :

{ إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا . . . }

أي : لمن أفتري ؟ ألأجل أن أكسب أتباعا يؤمنون برسالتي من البشر ؟ إن الله أقوى من كل قوي ، وهو على كل شيء قدير ، وإذا كذبت عليه فمن يعصمني من بطشه وأخذه وقوته .

والخلاصة : أنا لا أكسب مخلوقا وأسخط خالقا ، لأن هذا الخالق إذا غضب علي فلن يملك أحد منكم أن يعصمني من عقوبته لي .

{ هو أعلم بما تفيضون فيه . . . }

لقد أحاط علم الله بكل شيء ، وبما تندفعون فيه من القول ، واتهامكم للقرآن بأنه سحر أو شعر أو أساطير الأولين ، واتهامكم لمحمد صلى الله عليه وسلم بصنوف الفِرى .

{ كفى به شهيدا بيني وبينكم . . . }

إن الله تعالى يشهد لي بالصدق ، وبأنه أنزل القرآن من عنده على محمد صلى الله عليه وسلم ، وكفى بشهادة الله تعالى شهادة تكفيني وتشرفني ، وقد رضيت بحكمه بيني وبينكم ، وفي ذلك من تعظيم الله والرضا بشهادته وإطلاعه ، وتهديد الكافرين بما يستحقونه من عقوبة الله الشهيد على كل نفس بما كسبت .

{ وهو الغفور الرحيم } .

من قصد بابه تائبا غفر له وشمله برحمته وفضله ، ونعمته وقبوله ، فما أوسع فضله ، وما أوسع رحمته لمن تاب إليه ورجع إلى مرضاته .

قال تعالى : { ورحمتي وسعت كل شيء . . . } ( الأعراف : 156 ) .