اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (8)

قوله تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ افتراه } أم للإنكار والتعجب كأنه قيل : دع هذا واسمع القول المنكر العجيب ثم بين بطلان شبهتهم فقال : «قل » يا محمد «إِن افْتَرَيْتُهُ » على سبيل الفرض ، فإن الله يعاملني بعقوبة بُطْلاَن ذلك الافتراء ، وأنتم لا تقدرون على دفعه فكيف أقدر على هذه الفِرْيَةِ ؟ يعني لعقابه ، وهو المراد بقوله : { فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ الله شَيْئاً } أي لاَ تَقْدِرُونَ أن تردوا عني عذابه ، وإن عذبني الله على افْترائِي ، فكيف أفتري على الله من أجلكم ؟ ! ونظيره : { فَمَن يَمْلِكُ مِنَ الله شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المسيح ابن مَرْيَمَ } [ المائدة : 17 ] { وَمَن يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً } [ المائدة : 41 ] . ثم قال : { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } أي الله أعلم بما يخوضون فيه من التكذيب بالقرآن ، والقول فيه بأنه سحر . { كفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي القرآن جاء من عنده فيشهد لي بالصدق ويشهد لكم بالكذب { وَهُوَ الغفور الرحيم } لمن رجع عن الكفر وتاب . قال الزجاج : هذا دعاء إلى التوبة ، ومعناه غفور لمن تاب منكم رحيمٌ به{[50808]} .


[50808]:قال: "معناه أنه من أتى من الكبائر العظام ما أتيتم به من الافتراء على وجه الله جل وعز وعلا ثم تاب فإن الله غفور رحيم" انظر معاني القرآن 4/439.