الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (8)

وقوله سبحانه : { قُلْ إِنِ افتريته فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ الله شَيْئاً } المعنى : إنِ افتريته ، فاللَّه حَسْبِي في ذلك ، وهو كان يعاقبني ولا يُمْهِلُنِي ، ثم رجَعَ القَوْلُ إلى الاستسلامِ إلى اللَّه ، والاستنصارِ به عليهم ، وانتظارِ ما يَقْتَضِيهِ عِلْمُهُ بما يُفِيضُونَ فيه مِنَ البَاطِلِ ومُرَادَّة الحَقِّ ، وذلك يقتضي مُعَاقَبَتَهُمْ ؛ ففي اللفظ تهديد ، والضمير في { بِهِ } عائدٌ على اللَّه عزَّ وجَلَّ .

وقوله سبحانه : { وَهُوَ الغفور الرحيم } تَرجيةٌ واستدعاءٌ إلى التوبة ، ثم أمره عزَّ وجلَّ أنْ يحتجَّ عليهم بأَنَّه لم يكن بِدْعاً من الرسل ، والبِدْعُ والبَدِيعُ من الأشياءِ ما لم يُرَ مِثْلُهُ ، المعنى : قد جاء قَبْلِي غيري ؛ قاله ابن عَبَّاس وغيره .