محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (8)

[ 8 ] { أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم 8 } .

{ أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا } أي : لا تقدرون أن تدفعوا عني سوءا ، إن أصابني به . و ( أم ) - على ما قالوا – منقطعة مقدرة ب ( بل ) الإضرابية وهمزة الاستفهام ، المتجوز به عن الإنكار والتعجيب . ووجه كون الافتراء أشنع من السحر ، حتى أضرب عنه ، أن الكذب خصوصا على الله متفق على قبحه ، حتى ترى كل أحد يشمئز من نسبته إليه بخلاف السحر ، فإنه ، وإن قبح ، فليس بهذه المرتبة ، حتى تكاد تعد معرفته من السمات المرغوبة .

/ وقال الناصر : هذا الإضراب في بابه مثل الغاية التي قدمتها آنفا في بابها ، فإنه انتقال إلى موافق ، لكنه أزيد من الأول ، فنزل لزيادته عليه ، مع ما تقدمه مما ينقص عنه ، منزلة المتنافيين ، كالنفي والإثبات اللذين يضرب عن أحدهما للآخر . وذلك أن نسبهم للآيات إلى أنها مفتريات ، أشدّ وأبعد من نسبتها إلى أنها سحر . فأضرب عن ذلك الأول إلى ذكر ما هو أغرب منه . انتهى .

{ هو أعلم بما تفيضون فيه } أي : تخوضون في حقه من أنه سحر أو إفك { كفى به شهيدا بيني وبينكم } أي : يشهد لي بالصدق بما يؤيدني به من آياته وصدق مواعيده { وهو الغفور الرحيم } أي : لمن راجع منكم الكفر وتاب وآمن .