التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

{ ولتنظر نفس ما قدمت لغد } هذا أمر بأن تنظر كل نفس ما قدمت من أعمالها ليوم القيامة ومعنى ذلك محاسبة النفس لتكف عن السيئات وتزيد من الحسنات ، وإنما عبر عن يوم القيامة بغد تقريبا له لأن كل ما هو آت قريب ، فإن قيل : لم كرر الأمر بالتقوى ؟ فالجواب من وجهين : أحدهما : أنه تأكيد .

والآخر : وهو الأحسن أنه أمر أولا بالتقوى استعدادا ليوم القيامة ، ثم أمر به ثانيا لأن الله خبير بما يعملون ، فلما اختلف الموجبات كرره مع كل واحد منهما .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (18)

قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون 18 ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون 19 لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون } .

يأمر الله عباده المؤمنين أن يخشوه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه والعمل لما بعد الموت وهو قوله : { ولتنظر نفس ما قدمت لغد } والمراد بغد ، يوم القيامة . وقد ذكرت القيامة بغد لشدة قربها ودنو أجلها . وهذه حقيقة لا ريب فيها ، فإن الموت آت لا محالة . وإن كل ما هو آت آت . وما على الناس - وهم موقنون بهذه الحقيقة- إلا أن يتقوا ربهم بالتزام شرعه والإذعان لجلاله بالطاعة والامتثال وأن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا .

قوله : { واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } كرر الأمر بالتقوى لعظيم أهميته وتأثيره ليبين لهم بعد ذلك أنه يعلم ما يفعلون أو يقولون وهو يعلم سرهم ونجواهم .