التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا} (28)

{ رب اغفر لي ولوالدي } يؤخذ من هذا أن سنة الدعاء أن يقدم الإنسان الدعاء لنفسه على الدعاء لغيره وكان ولدا نوح عليه السلام مؤمنين قال ابن عباس : لم يكن لنوح ابن كافر ما بينه وبين آدم عليهما السلام واسم والد نوح لمك بن متوشلخ وأمه شمخا بنت أنوش ، حكاه الزمخشري . { ولمن دخل بيتي مؤمنا } قيل : بيته المسجد ، وقيل : السفينة وقيل : شريعته سماها بيتا استعارة وهذا بعيد وقيل : داره وهذا أرجح لأنه الحقيقة .

{ وللمؤمنين والمؤمنات } هذا دعاء بالمغفرة لكل مؤمن ومؤمنة على العموم ، وفيه دليل على جواز ذلك خلافا لمن قال من المتأخرين : أنه لا يجوز الدعاء بالمغفرة لجميع المؤمنين على العموم ، وهذا خطأ وتضييق لرحمة الله الواسعة ، قال بعض العلماء : إن الإله الذي استجاب لنوح عليه السلام فأغرق بدعوته جميع أهل الأرض الكفار حقيق أن يستجيب له فيرحم بدعوته جميع المؤمنين والمؤمنات .

{ تبارا } أي : هلاكا والله أعلم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا} (28)

قوله : { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا } دعا نوح ربه أن يغفر له ولكل مؤمن دخل مسجده أو سفينته أو بيته . وذلك هو شأن المؤمنين المتقين فإنهم لا يتخذون من غير المؤمنين الصادقين أصدقاء وخلاّنا . وقد روى الإمام أحمد عن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي " .

قوله : { وللمؤمنين والمؤمنات } دعا ربه أن يغفر لجميع المؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات إلى يوم القيامة .

قوله : { ولا تزد الظالمين إلا تبارا } دعا الله على قومه الظالمين العتاة أن لا يزيدهم غير الهلاك والخسار في الدنيا والآخرة ، وذلك لفرط عتوّهم وطغيانهم وشدة عنادهم وإعراضهم عن دين الله وإضلالهم الناس{[4649]} .


[4649]:تفسير ابن كثير جـ 4 ص 428 وتفسير النسفي جـ 4 ص 298 وتفسير البيضاوي ص 763.