فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا} (28)

ثم لما دعا على الكافرين أتبعه بالدعاء لنفسه ووالديه والمؤمنين ، فقال : { رَّبّ اغفر لِي ولوالديَّ } وكانا مؤمنين ، وأبوه لامك بن متوشلخ ، كما تقدّم ، وأمه سمحاء بنت أنوش ، وقيل : أراد آدم وحواء . وقال سعيد بن جبير : أراد بوالديه أباه وجدّه . وقرأ سعيد بن جبير : «وَلِوَالِدِيَّ » بكسر الدال على الإِفراد . { وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ } قال الضحاك والكلبي : يعني مسجده ، وقيل : منزله الذي هو ساكن فيه ، وقيل : سفينته . وقيل : لمن دخل في دينه ، وانتصاب { مُؤْمِناً } على الحال : أي لمن دخل بيتي متصفاً بصفة الإيمان ، فيخرج من دخله غير متصف بهذه الصفة كامرأته وولده الذي قال : { سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الماء } [ هود : 43 ] ثم عمم الدعوة ، فقال : { وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات } أي واغفر لكل متصف بالإيمان من الذكور والإناث . ثم عاد إلى الدعاء على الكافرين ، فقال : { وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ تَبَاراً } أي لا تزد المتصفين بالظلم إلاّ هلاكاً وخسراناً ودماراً وقد شمل دعاؤه هذا كل ظالم إلى يوم القيامة ، كما شمل دعاؤه للمؤمنين والمؤمنات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة .

/خ28