إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا} (28)

{ رَبّ اغفر لِي ولوالدي } أبُوه لمَك بنُ مَتُّوشَلِحَ وأمُّه سمحاء بنتُ إنُوشَ كانَا مؤمنينِ ، وقيل : هما آدمُ وحواءُ وقُرئَ ولولديَّ يريدُ ساماً وحاماً { وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ } أي مَنزلِي وقيلَ : مسجدِي وقيل : سَفينتي { مُؤْمِناً } بهذا القيدِ خرجتْ امرأتُه وابنُه كنعانُ ولكنْ لم يجزمْ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بخروجِه إلا بعدَ ما قيلَ له : إنَّه ليسَ من أهلِك وقد مرَّ تفصيلُه في [ سورةِ هودٍ ، الآية 46 ] { وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات } عمَّهم بالدُّعاءَ إثرَ ما خصَّ بهِ مَنْ يتصلُ به نسباً وديناً { وَلاَ تَزِدِ الظالمين إِلاَّ تَبَاراً } أي هلاكاً قيلَ : غرقَ معُهم صبيانُهم أيضاً لكنْ لا على وجهِ العقابِ لهم بلُ لتشديد عذابِ آبائِهم وأمَّهاتِهم بإراءةِ هلاكِ أطفالِهم الذينَ كانُوا أعزَّ عليِهم من أنفسهِم .

قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : «يهلكونَ مهلكاً واحداً ويصدرونَ مصادرَ شَتَّى »{[801]} وعنِ الحسنِ أنَّه سُئلَ عنْ ذلِكَ فقالَ علَم الله براءتَهُم فأهلكَهُم بغيرِ عذابٍ ، وقيلَ : أعقمَ الله تعالَى أرحامَ نسائِهم وأيبسَ أصلابَ آبائِهم قبلَ الطُّوفانِ بأربعينَ أو سبعينَ سنةً فلم يكُنْ معهُم صبيٌّ حينَ غَرِقُوا .

ختام السورة:

عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قرأَ سورةَ نوحٍ كانَ من المؤمنينَ الذينَ تُدركهم دعوةُ نوحٍ عليهِ السَّلامُ » .


[801]:أخرجه مسلم في كتاب الفتن حديث رقم(8). كما أخرجه أحمد في المسند (6/105، 259، 317).