السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا} (28)

ولما دعا على أعداء الله تعالى دعا لأوليائه وبدأ بنفسه فقال مسقط الأداة على عادة أهل الخصوص : { ربّ } أي : أيها المحسن إليّ باتباع من اتبعني وتجنب من تجنبني { اغفر لي } أي : فإنه لا يسعني وإن كنت معصوماً إلا حلمك وعفوك ومغفرتك ، { ولوالديّ } وكانا مؤمنين يريد أبويه اسم أبيه لمك بن متوشلخ ، وأمّه شمخا بنت أنوش . وعن ابن عباس : لم يكفر لنوح عليه السلام أب فيما بينه وبين آدم عليه السلام ، وقيل : هما آدم وحوّاء وأعاد الجار إظهاراً للاهتمام فقال : { ولمن دخل بيتي } أي : منزلي ، وقيل : مسجدي ، وقيل : سفينتي { مؤمناً } أي : مصدّقاً بالله تعالى فمؤمناً حال ، وعن ابن عباس : أي : دخل في ديني .

فإن قيل : على هذا يصير قوله : { مؤمناً } تكراراً ؟ أجيب : بأنّ من دخل في دينه ظاهراً قد يكون مؤمناً وقد لا يكون ، فالمعنى ولمن دخل دخولاً مع تصديق القلب . { وللمؤمنين والمؤمنات } خص نفسه أوّلاً بالدعاء ، ثم من يتصل به لأنهم أولى وأحق بدعائه ، ثم عمم المؤمنين والمؤمنات إلى يوم القيامة ، قاله الضحاك . وقال الكلبي : من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : من قومه والأوّل أولى وأظهر .

ثم ختم الكلام مرّة أخرى بالدعاء على الكافرين فقال : { ولا تزد الظالمين } أي : العريقين في الظلم في حال من الأحوال { إلا تباراً } أي : هلاكاً مدمراً والمراد بالظالمين الكافرون ، فهي عامة في كل كافر ومشرك . وقيل : أراد مشركي قومه . وتباراً مفعول ثان والاستثناء مفرغ . وقيل : الهلاك الخسران .

ختام السورة:

وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري : عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح عليه السلام » حديث موضوع .