تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا} (28)

الآية 28 : وقوله تعالى : { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا } هكذا الواجب على المرء في الدعاء والاستغفار أن يبدأ بنفسه ثم بوالديه ثم بالمؤمنين .

ثم قوله : { بيتي } قال بعضهم : أي في سفينتي ، وقال بعضهم : { بيتي } أي في ديني ، فيكون البيت كناية عن الدين ، وقال بعضهم : إنما هو بيته الذي يسكن فيه لما أطلعه الله تعالى أن من دخل بيته مؤمنا لا يعود إلى الكفر .

قال الشيخ ، رحمه الله : ثم إن أرجى الأمور للمؤمنين في الآخرة دعاء الأنبياء والملائكة عليهم السلام في الدنيا ، لأنهم إنما يدعون بعد الإذن لهم بالدعاء ، ولا يحتمل أن يأذن الله تعالى لهم بالدعاء ، ثم لا يجيب دعوتهم .

وذكر عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : إن نوحا عليه السلام دعا دعوتين : إحداهما : للمؤمنين بالاستغفار والتوبة . والثانية : على الكفار بالبوار والتّبار .

وقد أجيبت دعوته في ما دعا على الكفرة ، فلا يجوز أن يجاب في شر الدعوتين ، ثم لا يجاب في خير الدعوتين .

وقوله تعالى : { ولا تزد الظالمين إلا تبارا }قيل : كسرا وذلا وصغارا ، فإنه مشتق من التبر ، وكل مكسور يقال : تبر فكأنه يقول : اكسر منعة الظالمين وشوكتهم .

فإن كان التأويل هذا ، فهو يقع على جميع الظلمة : من كان في وقته ومن بعده .

وقيل : التبار الهلاك ، فإن كان هذا معناه فهو على ظالمي زمانه ؛ إذ لا يجوز للأنبياء عليهم السلام أن يدعوا على قوم إلا أن يؤذن لهم بالدعاء عليهم . وإنما جاء الإذن في حق قومه .

فأما في حق غيرهم ، لم يثبت ، فلا يجوز القول فيه إلا بما تواتر الخبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ والله أعلم ]{[22233]} .


[22233]:من م، ساقطة من الأصل.