التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِۦ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ أَهۡلِهِۦ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ} (49)

{ تقاسموا بالله } أي : حلفوا بالله ، وقيل : إنه فعل ماض وذلك ضعيف ، والصحيح أنه فعل أمر قاله بعضهم لبعض وتعاقدوا عليه .

{ لنبيتنه وأهله } أي : لنقتلنه وأهله بالليل وهذا هو الفعل الذي تحالفوا عليه .

{ ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله } أي : نتبرأ من دمه إن طلبنا به وليه .

{ ومهلك } يحتمل أن يكون اسم مصدر أو زمان أو مكان فإن قيل : إن قولهم : { ما شهدنا مهلك أهله } يقتضي التبري من دم أهله دون التبري من دمه ، فالجواب من ثلاثة أوجه :

الأول : أنهم أرادوا { ما شهدنا مهلكه ومهلك أهله } ، وحذف مهلكه لدلالة قولهم لنبيتنه وأهله .

الثاني : أن أهل الإنسان قد يراد به هو وهم لقوله : { وأغرقنا آل فرعون } [ البقرة :50 ] يعني فرعون وقومه .

الثالث : أنهم قالوا : { مهلك أهله } خاصة ليكونوا صادقين ، فإنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله معا ، وأرادوا التعريض في كلامهم لئلا يكذبوا .

{ وإنا لصادقون } يحتمل أن يكون قولهم : { وإنا لصادقون } مغالطة مع اعتقادهم أنهم كاذبون ، ويحتمل أنهم قصدوا وجها من التعريض ليخرجوا به عن الكذب وقد ذكرناه في الجواب الثالث عن مهلك أهله ، وهو أنهم قصدوا أن يقتلوا صالحا وأهله معا ، ثم يقولوا : { ما شهدنا مهلك أهله } وحدهم وإنا لصادقون في ذلك بل يعنون أنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله معا وعلى ذلك حمله الزمخشري .