فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِۦ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ أَهۡلِهِۦ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ} (49)

{ قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بالله } أي قال بعضهم لبعض : احلفوا بالله ، هذا على أن { تقاسموا } فعل أمر ، ويجوز أن يكون فعلاً ماضياً مفسراً لقالوا : كأنه قيل ما قالوا ؟ فقال : تقاسموا ، أو يكون حالاً على إضمار قد : أي قالوا ذلك متقاسمين ، وقرأ ابن مسعود : " يفسدون في الأرض ولا يصلحون تقاسموا بالله " وليس فيها قالوا ، واللام في { لَنُبَيّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } جواب القسم : أي لنأتينه بغتة في وقت البيات ، فنقتله وأهله { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيّهِ } قرأ الجمهور بالنون للمتكلم في { لنبيتنه } وفي { لنقولن } ، واختار هذه القراءة أبو حاتم ، وقرأ حمزة والكسائي بالفوقية فيهما على خطاب بعضهم لبعض ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وقرأ مجاهد وحميد بالتحتية فيهما ، والمراد بوليّ صالح : رهطه { مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ } أي ما حضرنا قتلهم ، ولا ندري من قتله وقتل أهله ، ونفيهم لشهودهم لمكان الهلاك يدلّ على نفي شهودهم لنفس القتل بالأولى ، وقيل إن المهلك بمعنى الإهلاك ، وقرأ حفص والسلمي مهلك بفتح الميم واللام ، وقرأ أبو بكر ، والمفضل بفتح الميم ، وكسر اللام { وِإِنَّا لصادقون } فيما قلناه . قال الزجاج : وكان هؤلاء النفر تحالفوا أن يبيتوا صالحاً وأهله ، ثم ينكروا عند أوليائه أنهم ما فعلوا ذلك ، ولا رأوه ، وكان هذا مكراً منهم ، ولهذا قال الله سبحانه { وَمَكَرُواْ مَكْراً } .

/خ53