الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُۥ وَأَهۡلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِۦ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ أَهۡلِهِۦ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ} (49)

وقوله تعالى : { تَقَاسَمُوا } [ النمل : 49 ] .

قال الجمهور : هو فعل أمر ، أشَار بعضُهم على بعضٍ بأن يَتحَالَفُوا على هذا الفعل بصالح ، وحكَى الطبريُّ أَنه يجوز أن يكونَ تقاسموا فِعْلاً ماضِياً في موضعِ الحالِ ، كأنه قال : متقاسِمينَ أو متحالفِين باللّه لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهلَه ، وتؤيِّدِه قراءةُ عبد اللّه : «ولا يصلحون تقاسموا » بإسقاطِ «قالوا » .

قال ( ع ) : وهذه الألفاظُ الدالةُ على قَسَمِ تجاوب باللام ، وإن لم يتقدمْ قَسَمٌ ظاهرٌ ، فاللامُ في { لَنُبَيِّتَنَّهُ } : جوابُ القَسَمِ ، ورُوِيَ في قصصِ هذهِ الآيةِ أَن هؤلاءِ التسعة لمَّا كانَ فِي صَدْرِ الثلاثة الأيام . بعد عَقْرِ النَّاقَةِ وَقَدَ أخبرَهُمْ صالحٌ بمجيء العذابِ ، اتفق هؤلاءِ التسعةُ فَتَحَالَفُوا على أن يأتوا دارَ صالحٍ ليلاً فيقتلوه وأهلَه المُخْتَصِّينَ به ، قالوا فإن كان كاذباً في وعيدِهِ أوقعنا به ما يستحقُّ ، وإن كانَ صادقاً كنَّا قَدْ عَجَّلْنَاه قبلَنا وشَفَيْنَا بهِ نُفُوسَنَا ، فجاءوا واخْتَفَوا لذلك في غارٍ قريبٍ من داره ، فرُوِيَ أنَّه انْحَدَرَتْ عليهِم صَخْرَةٌ شَدَخَتْهُم جميعاً ورُوِيَ أنَّها طَبَّقَتْ عليهمُ الغَارَ فَهَلَكوا فيه حينَ هَلَكَ قَوْمُهُمْ ، وكلُّ فَريقٍ لا يَعلم بِما جَرَى على الآخِرَ ، وقَدْ كانوا على جحودِ الأمر من قرابةِ صالحٍ ، ويعني بالأهل كلَّ مَنْ آمنَ بهِ قاله الحسن .