التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{تَعۡرُجُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٖ} (4)

{ والروح إليه } أي : إلى عرشه ومن حيث تهبط أوامره وقضاياه فالعروج هو من الأرض إلى العرش والروح هنا جبريل عليه السلام بدليل قوله : { نزل به الروح الأمين على قلبك } [ الشعراء : 193- 194 ] وقيل : الروح ملائكة حفظة على الملائكة وهذا ضعيف مفتقر إلى صحة نقل وقيل : الروح جنس أرواح الناس وغيرهم .

{ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } اختلف في هذا اليوم على قولين :

أحدهما : أنه يوم القيامة .

والآخر : أنه في الدنيا ، والصحيح أنه يوم القيامة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مانع الزكاة : " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا صفحت له صفائح من نار يكوى بها جبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " . حتى يقضي بين العباد يعني : يوم القيامة ثم اختلف هل مقداره خمسون ألف سنة حقيقة وهذا هو الأظهر أو هل وصف بذلك لشدة أهواله كما يقال : يوم طويل إذا كان فيه مصائب وهموم وإذا قلنا إنه في الدنيا فالمعنى : أن الملائكة والروح يعرجون في يوم لو عرج فيه الناس لعرجوا في خمسين ألف سنة وقيل : الخمسون ألف سنة هي مدة الدنيا والملائكة تعرج وتنزل في هذه المرة وهذا كله على أن يكون قوله : { في يوم } يتعلق بتعرج ويحتمل أن يكون في يوم صفة للعذاب فيتعين أن يكون اليوم يوم القيامة والمعنى على هذا مستقيم .