قوله { تعرج الملائكة والروح } وفي مواضع أخرى يوم يقوم الروح والملائكة . قيل : إن الروح أعظم الملائكة قدراً وهو أول في درجة نزول الأنوار من جلال الله ، ومنه تتشعب إلى أرواح سائر الملائكة والبشر في آخر درجات منازل الأرواح . وبين الطرفين معارج مراتب أرواح الملائكة ومدارج منازل الأنوار القدسية ولا يعلم تفصيلها إلا الله . وأما المتكلمون فالجمهور منهم قالوا : إن الروح هو جبريل عليه السلام . ولا استدلال لأهل التشبيه في لفظ { المعارج } فإنا بينا أنها المراتب . قوله { إليه } إلى عرشه أو حكمه أو إلى حيث تهبط أوامره أو إلى مواضع العز والكرامة . والأكثرون على أن قوله { في يوم } من صلة { تعرج } . أي يحصل العروج في مثل هذا اليوم وهو يوم القيامة . قال الحسن : يعني من موقفهم للحساب إلى حين يقضي بين العباد خمسون ألف سنة من سني الدنيا ، ثم بعد ذلك يستقر أهل الجنة في الجنة إلى آخر الآية . والأصح أن هذا الطول إنما يكون للكافر لما " روي عن أبي سعيد الخدري أنه قيل لرسوله صلى الله عليه وسلم : ما أطول هذا اليوم ؟ فقال : والذي نفسي بيه إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة في الدنيا " ومنهم من قال : إن ذلك الموقف وإن طال فقد يكون سبباً لمزيد السرور والراحة للمؤمن . ومنهم من قال : إن هذه المدة على سبيل التقدير لا على سبيل التحقيق . والمعنى أنه لو اشتغل بذلك القضاء والحكومة أعقل الناس وأدهاهم لبقي فيه خمسين ألف سنة . ثم إنه تعالى يتمم ذلك القضاء والحكومة في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا . وأيضاً الملائكة يعرجون إلى مواضع لو أراد واحد من أهل الدنيا أن يصعد إليها لبقي في ذلك الصعود خمسين ألف سنة ثم إنهم يصعدون إليها في ساعة . قاله وهب وجماعة من أهل التفسير . وقال أبو مسلم : إن هذا اليوم الدنيا كلها من أول ما خلق العالم إلى القيامة وفيه يقع عروج الملائكة . ثم لا يلزم من هذا أن يصير وقت القيامة معلوماً لأنا لا ندري كم مضى وكم بقى . ومر في " ألم السجدة " . وقال جمع من المفسرين قوله { في يوم } من صلة { واقع } أي يقع ذلك العذاب في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم وهو يوم القيامة . وثم يحتمل أن يكون المراد منه استطالة ذلك اليوم لشدته على الكفار ، ويحتمل أن العذاب الذي سأله السائل يكون مقدراً بهذه المدة ثم ينقله الله تعالى إلى نوع آخر من العذاب . يروى عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن هذه الآية وعن قوله { في يوم كان مقداره ألف سنة } فقال : أيام سماها الله هو أعلم بها كيف تكون وأكره أن أقول فيها ما لا علم لي به . وقال وهب في الجواب : من أسفل العالم إلى أعلى شرف العرش مسيرة خمسين ألف سنة ، ومن أعلى السماء الدنيا إلى الأرض مسيرة ألف سنة ، لأن عرض كل سماء من السموات السبع مسيرة خمسمائة سنة ، وبين أسفل السماء إلى قرار الأرض خمسمائة أخرى ، فالمراد مقدار ألف سنة لو صعدوا إلى سماء الدنيا ومقدار خمسين ألف سنة لو صعدوا إلى العرش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.