وقرأ : { تعرج الملائكة } الكسائي بالياء التحتية ، والباقون بالتاء الفوقية ، وأدغم جيم المعارج في تاء تعرج هنا السوسي ، واستضعف بعضهم ذلك من حيث إن مخرج الجيم بعيد من مخرج التاء . وأجيب عن ذلك بأن الإدغام يكون لمجرد الصفات وإن لم يتقاربا في المخرج والجيم تشارك التاء في الاستفال والانفتاح والشدة والجملة من تعرج مستأنفة .
وقوله تعالى : { والروح } من عطف الخاص على العام إن أريد بالروح جبريل عليه السلام كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى : { نزل به الروح الأمين } [ الشعراء : 193 ] أو ملك آخر من جنسهم عظيم الخلقة : وقال أبو صالح : إنه خلق من خلق الله كهيئة الناس وليس بالناس . وقال قبيصة بن ذؤيب : إنه روح الميت حين يقبض ، { إليه } أي : مهبط أمره من السماء . وقيل : هو كقول إبراهيم عليه السلام : { إني ذاهب إلى ربي } [ الصافات : 99 ] ، أي : إلى الموضع الذي أمرني به ، وقيل : إلى عرشه ، وعلق بالعروج أو بواقع قوله تعالى : { في يوم } أي : من أيامكم ، وبين عظمه بقوله تعالى : { كان } أي : كوناً هو في غاية الثبات { مقداره } أي : لو كان الصاعد فيه آدمياً { خمسين ألف سنة } أي : من سني الدنيا وذلك أن تصعد من منتهى أمر الله تعالى من أسفل الأرض السابعة ، روي عن مجاهد رضي الله عنه أن مقدار هذا خمسين ألف سنة . وقال محمد بن إسحاق : لو سار بنو آدم من الدنيا إلى موضع العرش ساروا خمسين ألف سنة . وقال عكرمة وقتادة رضي الله عنهما : هو يوم القيامة وأراد أن موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس خمسون ألف سنة من سني الدنيا ، ليس يعني به أن مقدار طوله هكذا دون غيره ؛ لأن يوم القيامة ليس له أول وليس له آخر لأنه يوم ممدود ، ولو كان له آخر لكان منقطعاً .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : يوم القيامة يكون على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال : «قيل : لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فما أطول هذا اليوم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا » .
وقيل : معناه لو ولي محاسبة العباد في ذلك اليوم غير الله تعالى لم يفرغ منه في خمسين ألف سنة قال عطاء رضي الله عنه : ويفرغ الله تعالى في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا ، وقيل : فيه خمسون موطناً على الكافر ، كل موطن ألف سنة وما ورد ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر .
وروي عن الكلبي أنه قال : يقول الله تعالى : لو وليت حساب ذلك الملائكةُ والإنس والجن وطوقتهم محاسبتهم لم يفرغوا منه في خمسين ألف سنة وأنا أفرغ منه في ساعة من النهار . وقال بيان : هو يوم القيامة فيه خمسون موطناً كل موطن ألف سنة ، وفيه تقديم وتأخير كأنه قال : ليس له دافع من الله ذي المعارج في يوم مقداره خمسين ألف سنة تعرج الملائكة والروح إليه .
فإن قيل : كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى في سورة السجدة : { في يوم كان مقداره ألف سنة } [ السجدة : 5 ] ؟ أجيب : بأنه يحتمل أن من أسفل العالم إلى أعلى العرش خمسين ألف سنة ، ومن أعلى سماء الدنيا إلى الأرض ألف سنة لأن عرض كل سماء خمسمائة وما بين أسفل إلى قرار الأرض خمسمائة ، فقوله في يوم من أيام الدنيا وهو مقدار ألف سنة لو صعدوا فيه إلى سماء الدنيا ، ومقدار خمسين ألف سنة لو صعدوا إلى أعلى العرش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.