تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢۗ بَلِ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ فِي ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَٰلِ ٱلۡبَعِيدِ} (8)

وهو في هذا الإخبار لا يخلو أمره من قسمين : إما أن يكون قد تعمد الافتراء على الله أنه قد أوحى إليه ذلك ، أو أنه لم يتعمد لكن لُبّس عليه كما يُلَبَّس على المعتوه والمجنون ؛ ولهذا قالوا : { أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ } ؟ قال الله تعالى رادًا عليهم : { بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ } أي : ليس الأمر كما زعموا ولا كما ذهبوا إليه ، بل محمد صلى الله عليه وسلم هو الصادق البار الراشد الذي جاء بالحق ، وهم الكذبة الجهلة الأغبياء ، { فِي الْعَذَابِ } أي : [ في ]{[24152]} الكفر المفضي بهم إلى عذاب الله ، { وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ } من{[24153]} الحق في الدنيا .


[24152]:- زيادة من ت ، أ.
[24153]:- في أ: "عن".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢۗ بَلِ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ فِي ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَٰلِ ٱلۡبَعِيدِ} (8)

وقولهم { افترى } هو من قول بعضهم لبعض ، وهي ألف الاستفهام دخلت على ألف الوصل فحذفت ألف الوصل وبقيت مفتوحة غير ممدودة ، فكأن بعضهم استفهم بعضاً عن محمد أحال الفرية على الله هي حاله أم حال الجنون ، لأن هذا القول إنما يصدر عن أحد هذين فأضرب القرآن عن قولهم وكذبه ، فكأنه قال ليس الأمر كما قالوا { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة } والإشارة بذلك إليهم ، { في العذاب } يريد عذاب الآخرة لأنهم يصيرون إليه ، ويحتمل أن يريد { في العذاب } في الدنيا بمكابدة الشرع ومكابرته ومحاولة إطفاء نور الله تعالى وهو يتم ، فهذا كله عذاب وفي { الضلال البعيد } أي قربت الحيرة وتمكن التلف لأنه قد أتلف صاحبه عن الطريق الذي ضل عنه .