التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢۗ بَلِ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ فِي ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَٰلِ ٱلۡبَعِيدِ} (8)

قوله : { أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ } يتساءل الكافرون في سخرية وتكذيب : هذا الذي يعدنا بالبعث بعد الموت والتقطع في الأرض والبلى ، افترى هذا القول من عنده فاختلق على الله الكذب أم أنه مجنون فيتكلم . بما لا يعلم . هكذا يقول الكافرون الخاسرون وهم موقنون في قرارة أنفسهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم ما كذب البتة بل كان اسمه فيهم الصادق الأمين ، وذلكم عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشد ، والمبغض الألدّ لدين الله ، أبو جهل ؛ إذ أنطقته سجية العرب فقال لأحد المشركين : ويحك والله إن محمدا لصادق وما كذب محمد قط ولكن متى كنا لبني عبد مناف تبعا .

قوله : { بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ } ذلك ردٌّ لمقالة المكذبين الخاسرين ودحض لما ذهبوا إليه من تكذيب بالساعة واستسخار برسول الله صلى الله عليه وسلم . فيبين الله للناس أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق ورشيد ومؤتمن وأن المكذبين بالآخرة { فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ } أي صائرون إلى العذاب في جهنم وهم اليوم تائهون عن الحق سادرون في الجهالة والغي والبعد عن الصواب{[3785]}


[3785]:الكشاف ج 4 ص 280 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 526