الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢۗ بَلِ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ فِي ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَٰلِ ٱلۡبَعِيدِ} (8)

فإن قلت : لم أسقطت الهمزة في قوله { افترى } دون قوله : { السحر } ، وكلتاهما همزة وصل ؟ قلت : القياس الطرح ، ولكون أمراً اضطرّهم إلى ترك إسقاطها في نحو { السحر } وهو خوف التباس الاستفهام بالخبر ، لكون همزة الوصل مفتوحة كهمزة الاستفهام .

فإن قلت : ما معنى وصف الضلال بالبعد ؟ قلت : هو من الإسناد المجازي ؛ لأنّ البعيد صفة الضال إذا بعد عن الجادّة ، وكلما ازداد عنها بعداً كان أضلّ .

فإن قلت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهوراً علماً في قريش ، وكان إنباؤه بالبعث شائعاً عندهم ، فما معنى قوله : { هَلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ يُنَبّئُكُمْ } فنكروه لهم ، وعرضوا عليهم الدلالة عليه كما يدلّ على مجهول في أمر مجهول . قلت : كانوا يقصدون بذلك الطنز والسخرية ، فأخرجوه مخرج التحلي ببعض الأحاجي التي يتحاجى بها للضحك والتلهي متجاهلين به وبأمره .